إلى حد كتابة هاته السطور، لم تفتح الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بابا للوقوف عن الأسباب الحقيقية للإقصاء الذي تكبده المنتخب المغربي الرديف من كاس العرب. ما قاله المدرب الوطني عموتة مباشرة بعد لقاء الديربي المغاربي، ضد المنتخب الجزائري، السبت الأخير، بأن الضغط النفسي للاعبين، كان و راء الهزيمة والإقصاء ظل هو المبرر الذي تتناسل عنه العديد من الأسئلة، علما أن رئيس الجامعة وأعضاءها و” مؤسساتها”، وفي مقدمتها “مؤسسة الإعلام والناطق الرسمي” أطبقوا الصمت، على الرغم من الهالة التي رافقت مشاركة هذا المنتخب في قطر، وعلى الرغم من الجيش العرمرم الذي حُشد لدعمه يوم المباراة بملعب الثمامة بالدوحة، من فنانين و”مؤثرين” وغيرهم، شدوا الرحال، إلى قطر رغم قرار منع السفر من وإلى المغرب، تحسبا لمتحور كوفيد 19، “أوميكرون”.
لا نظن أن لقجع له القدرة على قول الحقيقة، خصوصا أنه كان آخر من تحدث إلى اللاعبين في آخر حصة تدريبية قبل منازلة المنتخب الجزائري، كما لا نظن أن الأعضاء الجامعيين ومن يدور في المحيط لهم القدرة على مواجهة لقجع بحقيقة أسباب الإقصاء، خوفا من مكانته ومن سلطته وقراراته التعسفية، وفي ذلك انتفاء تام للديمقراطية.
هناك أسئلة كثيرة لا بد من طرحها، أولا لماذا سمي المنتخب الوطني المحلي بالمنتخب الرديف، لولا أن هناك إشكال كبير في مكونات الكرة المغربية، نلخصها في محاولة التملص من الاعتراف بضعف منظومة الكرة الوطنية التي تكبد المغرب ملايير الدراهم سنويا، قبل محاولة إرضاء جهات معينة على اعتبار أن هناك منتخب “صفوة” أو “نخبة”، أساسه لاعبون محترفون “جاهزون” من أوروبا، ومنتخب “رديف”، أساسه لاعبون من البطولة الوطنية، لكنه، يعتمد على محترفي الفرق العربية والخليجية.
مربط الفرس في إشكال تكوين المنتخبات الوطنية لكرة القدم أن الجامعة بقيادة لقجع، تعتمد على الكفاءات الجاهزة من اللاعبين في مدارس كروية مختلفة بأوروبا والخليج، في حين أكدت عجزها التام عن إنتاج منتخب وطني ذي كاريزما محلية، لا نقول بعلامة “صنع في المغرب” ولكن بعلامة ” تكوّن بالمغرب”، وهذا يجرنا إلى السؤال الثاني، ما الفائدة من بطولة وطنية تصرف عليها ملايير، وما الفائدة من أكاديميات الكرة لتي أصبحت تعج بها بلادنا، كما تعج بمدارس الكرة في الفرق الممارسة بالبطولة دون إنتاج حقيقي يذكر، ومدارس أخرى بأسماء أندية أوروبية كبرى حلت بالمغرب.
سؤال آخر، لماذا عجزت الكرة الوطنية، خصوصا في عهد المال و الماركوتينغ والإعلام بقيادة فوزي لقجع، عن تتويج المنتخب الوطني بكاس إفريقية للأمم (كان- CAN )، التي لنا منها لقب وحيد منذ1976، عن طريق القرعة. ولماذا يتبجح فوزي لقجع بفوز المنتخب المغربي بلقب ” الشان”، والحال أنه منافسة غير معترف بها من طرف “فيفا”. لماذا استقر النجاح الإفريقي والدولي على فريقين بيضاويين، الرجاء والوداد بالخصوص دون باقي الفرق ودون المنتخبات الوطنية.
الديمقراطية تستوجب أن تجلس الجامعة فورا لتشخيص الحالة بعد الإقصاء من كأس العرب، على الرغم من أننا لسنا مع الانتصار من اجل الانتصار على المنتخب الجزائري، ولكن لنضع حدا للنزيف، لأنه، لو كتب للمنتخب المغربي الانتصار والتأهل، لظلت النتيجة شجرة تخفي غابة الإخفاق. لماذا الإصرار على تحميل عموتة كامل المسؤولية في الخسارة ضد منتخب الجزائر، علما أن عقده مع جامعة لقجع يوجبه على تدريب المنتخب الأولمبي( أقل من 23 سنة) وتأهيله إلى أولمبياد باريس2024، وأن الإشراف على المنتخب الرديف كانت مهمة إضافية وبقرار عمودي من لقجع.
هل يوجد في جامعة الكرة رجل رشيد، يستطيع الجهر بحقيقة ما يدور، وما دار بالحصة الإعدادية الأخيرة للمنتخب الرديف التي حضرها لقجع، مثلا، وهل بالإمكان الجهر بأن قرارات الرئيس غير ديمقراطية وارتجالية، وهل يوجد رجل عاقل بالجامعة أيضا، يستطيع أن يصدح بالحقيقة، كل الحقيقة أمام كل المغاربة، ليكشف لهم هفوات القرارات الارتجالية وقرارات آخر لحظة وتدخلات الرئيس، في تقنيات اللاعبين واختيارهم وتوجيههم وحشدهم، وكأنهم في حرب عسكرية مع الجزائر، علما أن المباراة بين المنتخبين كانت رياضية، لا ترقى أن تضغط فيها على اللاعبين نفسيا إلى درجة التشنج النفسي والعصبي.