في زمنٍ كثر فيه الحديث عن تراجع مكانة المدرسة العمومية وضعف الحافز داخل الفصول، خرج الأستاذ جامع الكهيوي، أستاذ مادة علوم الحياة والأرض بإعدادية تيوغزة، بموقف يُعيد الاعتبار لمفهوم الأستاذ المُربّي، لا مجرد مُلقّن.
بهدوء وبعيدا عن عدسات الكاميرات، قرر الأستاذ الكهيوي أن يخصص راتبه الشهري بالكامل – 8000 درهم – لمكافأة تلامذته الذين حصلوا على النقطة الكاملة 20/20 في مادة العلوم في الامتحان الجهوي للسنة الثالثة إعدادي.
خطوة رمزية، لكنها عميقة في رسائلها، حملت دفئاً إنسانياً لا يُقاس بالأرقام، بل بوقعها على نفوس التلاميذ وأسرهم.
لم يكن الهدف مجرد توزيع مبالغ مالية، بل تمرير رسالة واضحة: “الاجتهاد يُكافأ، والنجاح لا يمرّ مرور الكرام”.
في تصريح مقتضب، عبّر الأستاذ عن فخره بأداء تلامذته، قائلاً: “شعرت بأنني مدين لهم بشيء… فقد أفرحوني بنجاحهم، وقررت أن أفرحهم بدوري”.
ردود الفعل لم تتأخر؛ أولياء الأمور عبّروا عن امتنانهم الكبير، وبعض التلاميذ لم يخفوا تأثرهم، مؤكدين أن المبادرة منحتهم دفعة معنوية لمواصلة الاجتهاد، بل وألهمت زملاءهم في المستويات الأخرى.
وسط واقع تعليمي يعاني من تحديات كثيرة، تبرز مثل هذه المبادرات كبقع ضوء تُعيد التذكير بدور المعلم الحقيقي: ليس فقط من يشرح الدروس، بل من يؤمن برسالته ويصنع الفرق في صمت.
الأستاذ الكهيوي لم ينتظر تكريمًا أو تصفيقًا، بل اكتفى بابتسامة تلميذ مجتهد وهو يعود إلى البيت محمّلاً بالتقدير، لا فقط بالمال.