في خطوة لافتة، أصدرت المحكمة الدستورية قرارها بشأن القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بممارسة حق الإضراب، معتبرةً أنه يتماشى بشكل عام مع مقتضيات الدستور، لكنها دعت الحكومة إلى الالتزام الصارم بضوابط التطبيق، لتجنب أي تجاوزات قد تقيد هذا الحق الدستوري.
أكدت المحكمة أن الإطار القانوني الجديد يسعى إلى تحقيق توازن دقيق بين ضمان حق الإضراب كأداة مشروعة للدفاع عن الحقوق الاجتماعية، وبين الحفاظ على استقرار القطاعات الحيوية، إلا أنها أبدت ملاحظات جوهرية على بعض المواد، محذّرة من أن أي تفسير موسّع لها قد يؤدي إلى تقييد ممارسة الإضراب بطرق غير مبررة.
ومن بين النقاط المثيرة للجدل، المادة الخامسة التي تعتبر أي إضراب خارج الشروط المحددة قانونيًا “غير مشروع”. المحكمة شددت على أن هذا التصنيف يجب ألا يُستخدم كذريعة لتضييق الخناق على النقابات والعمال، محذّرة من مخاطر فرض إجراءات إدارية تعسفية قد تحد من حرية التعبير الجماعية.
أما المادة 12، التي تضع شروطًا صارمة على آلية الدعوة إلى الإضراب، فقد اعتبرتها المحكمة مقبولة من الناحية الدستورية، لكنها أوضحت أن أي لوائح تنفيذية مستقبلية يجب ألا تُحمّل النصوص القانونية ما لا تحتمله، مشددة على أن التطبيق يجب أن يظل ضمن نطاق القانون الأصلي، دون فرض قيود إضافية تعرقل الحق في الاحتجاج.
قرار المحكمة لم يمنح الحكومة شيكًا على بياض؛ بل وضعها أمام مسؤولية كبيرة في ضمان تنفيذ القانون بما يحترم الدستور، محذّرةً من أن أي استغلال سياسي أو بيروقراطي لهذه النصوص قد يفتح الباب أمام الطعن في شرعيتها مستقبلاً.
في نهاية المطاف، يبقى السؤال مفتوحًا: هل سيكون هذا القانون وسيلة لتنظيم الحق في الإضراب أم أنه سيتحول إلى أداة للحد منه؟ الإجابة ستتحدد في كيفية تعامل الحكومة مع ضوابط التطبيق، تحت رقابة المحكمة والرأي العام.
© 2021 جميع الحقوق محفوضة ل أشطاري24 | Achtari24