هجوم لاذع على الحكومة، عبّر نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، عن رفضه الشديد لما وصفه بمحاولة “التهرب” من المساءلة والمحاسبة، بعد وصف رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، للجنة تقصي الحقائق حول دعم استيراد المواشي بـ”البوز السياسي”.
وخلال اجتماع عقده مع الفريق النيابي لحزبه بمجلس النواب، أكد بنعبد الله أن حزبه يقوم بدوره السياسي والدستوري في نقد الحكومة وبرنامجها، الذي اعتبره غير متماهِ مع الواقع المعيشي للمواطنين، مشدداً على أن اللجنة البرلمانية تدخل ضمن الآليات الدستورية الهادفة إلى حماية المال العام ومساءلة المسؤولين.
وقال بنعبد الله إن وصف لجنة تقصي الحقائق بـ”البوز السياسي” يثير الاستغراب، متهماً في المقابل الحكومة، والحزب الذي يقودها، بتوظيف إمكانيات ضخمة لتلميع الصورة السياسية عبر حملات دعائية مغلفة بما سماه “الإحسان العمومي”، في إشارة إلى عمليات توزيع المواد الغذائية التي تتم في إطار جمعيات تابعة لحزب التجمع الوطني للأحرار.
وأشار إلى أن إحدى هذه العمليات تزامنت مع صدور مرسوم الإحسان العمومي، حيث جرى ضبط شاحنة محمّلة بالمواد الغذائية في بيت أحد الوزراء، متهماً الحكومة بالاحتيال السياسي عبر استخدام العمل الجمعوي لأهداف انتخابية “غير أخلاقية”.
بنعبد الله اتهم الحكومة بإفشال مبادرة المعارضة لتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول دعم مستوردي المواشي، عبر تحريك أغلبيتها البرلمانية لطلب تشكيل “مهمة استطلاعية”، وهي أداة رقابية أقل فعالية وتأثيراً من لجنة التقصي، وفق تعبيره.
وأوضح أن الفارق الجوهري بين الآليتين يكمن في أن لجنة تقصي الحقائق تمتلك صلاحيات دستورية واسعة، من بينها إلزامية حضور المعنيين وأداء اليمين القانونية، مع إمكانية إحالة نتائجها إلى القضاء، عكس المهمة الاستطلاعية التي تقتصر على إصدار تقارير غير ملزمة.
وتساءل بنعبد الله قائلاً: “إذا كانت الحكومة واثقة من نزاهة إجراءات الدعم، فلماذا تخاف من الحقيقة؟”، مؤكداً أن اللجوء للمهمة الاستطلاعية بدل لجنة التقصي “خدعة مكشوفة” تهدف إلى التغطية على شبهات فساد مالي في ملف دعم مستوردي المواشي.
من جهته، شدد محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، على ضرورة فتح تحقيق قضائي شامل في القضية، مبرزا أهمية استرداد الأموال العمومية المهدورة، والتي قدرها بأكثر من 13 مليار درهم.
وطالب الغلوسي المجلس الأعلى للحسابات بإجراء افتحاص شامل للدعم والإعفاءات التي حصل عليها مستوردو المواشي، مع نشر نتائجه وترتيب الجزاءات القانونية اللازمة، خصوصاً في ظل الارتفاع الكبير في أسعار اللحوم رغم الدعم الحكومي السخي.
ودعا إلى إسناد التحقيق للنيابة العامة والفرقة الوطنية للشرطة القضائية، لضمان حيادية البحث وإبعاد الملف عن الحسابات السياسية التي قد تفرغه من مضمونه، مذكّراً بمصير تقارير سابقة لم تؤدِّ إلى أي محاسبة، كما هو الحال في ملف المحروقات.
في أول رد رسمي على الجدل، أوضح مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن اختيار الآلية الرقابية المناسبة هو من صلاحيات البرلمان وحده، سواء تعلّق الأمر بلجنة تقصي أو بمهمة استطلاعية.
وشدد بايتاس على أن العلاقة بين الحكومة والبرلمان، كما حددها الدستور، تقوم على التوازن والتعاون، نافياً أي تدخل حكومي في توجيه قرارات النواب بهذا الشأن.
وأضاف أن لكل فريق برلماني الحرية في تفضيل آلية رقابية على أخرى، في إطار التزاماته السياسية، رافضاً تحميل الحكومة مسؤولية “ترجيح” هذه الأداة أو تلك.
وبينما يزداد الجدل حول هذا الملف حساسية، تتجه الأنظار نحو الهيئات الرقابية والقضائية ومدى قدرتها على إنارة الرأي العام بحقيقة الدعم العمومي الضخم الذي لم ينعكس بعد على أسعار اللحوم، وسط اتهامات للحكومة بإهدار المال العام وغياب الشفافية.