ها نحن نحقق رقما آخر في القارة الإفريقية. المهم إنه رقم حتى لو كان سيئا. تقرير “الثروة في إفريقيا لسنة 2023” صنف المغرب ضمن الموطن الخامس لأصحاب الثروات في القارة. ثروات مليارديراتنا انتفخت بحوالي 28 في المائة.
السؤال البديهي والطبيعي والذي لا يتطلب كثير عناء: كيف تضخمت ثروة الأغنياء أو الأثرياء تدقيقا في وقت ينهار فيه الواقع الاجتماعي؟ على حساب من؟ كيف ارتفعت حسابات أصحاب الثروات في وقت تضيع فيه ثروة المغاربة التي لا تتعدى الاستقرار والعيش الكريم؟
أي درهم زاد عن حده في حسابات الأثرياء فهو خارج عنوة من جيوب الفقراء، الذين لا حسابات لهم ومن له حساب فهو للضرورة المهنية.
غير طبيعي أن يعيش المغاربة ضنك العيش بينما تزداد ثروات أثريائه. شيء ما غير طبيعي. ثلاث سنوات والمغاربة يعانون تحت عنوان الأزمة. داهمتنا جائحة كورونا فأثرت كثيرا على الإنتاج وتضرر المواطنون كثيرا وفقد البعض مدخراتهم، تم جاءت أزمة أوكرانيا فارتفعت أسعار المحروقات، التي كانت مقدمة لارتفاع أسعار باقي المواد الغذائية، وها هو المندوب السامي للتخطيط يقول في حوار صحفي إن الأزمة ليست خارجية ولكن داخلية.
شعب يعاني الأمرين من ارتفاع الأسعار ونخبة المال تضاعف ثرواتها. هذا لا يمكن أن يقع إلا إذا كانت هذه الزيادات مفبركة قصد إغناء هؤلاء الأثرياء ونفخ ثرواتهم من جديد. وهذا أسلوب تجار الحروب كما هو أسلوب تجار الأزمات. عندما يشتد وضع الفئات الشعبية تتضاعف ثروات الأثرياء.
ما زلنا نعيش لحظة خلق بوادر التوتر في المغرب. حكومة تزعم أن التضخم قدر مقدر وأنه ليس بيدها حيلة وأن المتسبب خارجي، ومؤسسات عمومية تقول إن التضخم داخلي وهو ناتج عن عدم عقلنة الإنتاج وغياب السيادة الغذائية، وفي الوقت الذي انهارت فيه الطبقة الوسطى اغتنى الأثرياء من جديد، بمعنى أن هناك احتكارا للسلطة السياسية وسلطة المال وتوظيفها ضد المواطن الذي لا سلطة له.
هذا الارتفاع الكبير في ثروة الأغنياء هو على حساب الفقراء، الذين هم القاعدة العامة للشعب المغربي خصوصا بعد الانهيار الذي وصلت إليه الطبقة الوسطى نتيجة الغلاء الفاحش، ولا يعقل أن بلدا يعيش أزمة ترتفع فيه ثروة أصحاب المال، ولمعالجة هذا الخلل ينبغي رفع الضرائب على الثروة كما هو معمول به في العدد من البلدان، خصوصا أولئك الذين يربحون من قطاع الخدمات، الذي لا خطورة فيه.
كيف ترتفع ثروة أثرياء المغرب وهم لا يغامرون في الصناعات، التي تعتبر مصدر خلق الثروة وخلق مناصب الشغل؟ لماذا يتلاجرون في قطاع الخدمات والبيع والشراء ويتركون الصناعة للمستثمرين الأجانب؟
الوزير المهدي بنسعيد عندما سئل عن التضخم هرب بالقول إن هناك تناقض بين تقارير المندوبية وتقارير بنك المغرب. فأظهر أنه لا يفهم في الاقتصاد والمال. فبنك المغرب لما قرر رفع الفائدة فذلك هو الحل العلمي لمواجهة التضخم. وعندما تقول المندوبية إن التضخم داخلي فهي مؤسسة إحصائية. أين التناقض؟ لا نريد جوابا ولكن لدينا سؤال: كيف ارتفعت ثروة هؤلاء؟