فجر إدريس جطو رئيس المجلس الأعلى للحسابات، “فضيحة جديدة” حول عمل و تدبير عزيز أخنوش لقطاع الفلاحة والصيد والبحري، مستغربا أمام أعضاء لجنة مراقبة المالية بمجلس النواب، من الأرقام والمعطيات التي تقدمها وزارة الفلاحة، ومدى حكامة الأرقام و مصداقية المعطيات، موضحا أن اختلالات ترقيم القطيع عرفت تقديم الوزارة لأرقام عن حصيلة القطيع المرقم تتجاوز عدد القطيع الوطني، كاشفا خلاصات مهمة مراقبة تسيير المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.
ولمح جطو بلجنة مراقبة المالية، الى قضية التقديرات التي قدمتها وزارة الفلاحة، وطرحت معطيات تهم أن أعداد رؤوس الأبقار التي تم ترقيمها بلغ أربعة ملايين رأس و477 ألففيما لا يتجاوز الثلاثة ملايين و291 ألف رأس، الأمر الذي أثار استغراب المجلس الأعلى للحسابات.
وناقشت اللجنة، محدودية نظام المراقبة الوبائية للمكتب، والوضعية الوبائية للمواشي في المغرب، والعمل لمواجهة الأمراض المعدية ـ أمام غياب إطار رسمي لاتخاذ القرار في مجال التلقيح، حيث اوضح التقرير ، حول ” برنامج محاربة داء السل عند الأبقار، ان ثلث القطيع الوطني مصاب ، وعدد الأبقار، الخاضعة للكشف ضعيف، بما لا يناسب البرنامج الحالي”.
من جهته أكد مصطفى بايتاس، في مداخلته باسم فريق التجمع الدستوري الذين حضروا الى جلسة مراقبة المالية للاستماع لتقرير جطو، بشكل كبير، قائلا “نحن لا نتهجم على المؤسسة الدستورية، بل نرحب بمساهمتها، ولكن في إطار التوازن بين السلط والمؤسسات” ، في محاولة للتبرؤ من هجوم عزيز أخنوش على المجلس الاعلى للحسابات، قبل ان يستدرك بالقول جوابا على تقرير الوضعية الوبائية للقطيع المغربي، قائلا” هل هناك قطيع في العالم لا يعاني من أمراض”.
وحاول أعضاء فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، الحاضرون في اجتماع لجنة مراقبة المالية العامة ، مهاجمة تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، قائلين أن التقرير” لم يركز بالشكل المطلوب على محور الفعالية والنجاعة في الإنفاق العمومي”.
واستغرب أعضاء الفريق خلال الاجتماع نفسه، الذي قَدم خلاله الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، من التهويل في الأرقام الذي صاحب نشر مضامين التقرير، خاصة ما يهم قطاع المجازر، متسائلين عما إذا كانت المجازر لا تستجيب للمعايير، أم أن المعايير معقدة وبالتالي وجب تبسيط المساطر.
وكان قضاة المجلس الأعلى للحسابات، سجلوا أن المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية “اونسا”، يفتقر لآليات الاشتغال والموارد البشرية خاصة البيطريين، بسبب التقاعد ، إلى جانب قلة عدد المفتشين، موضحين أن ” مراقبة الدواجن لا تغطي سوى 20 في المائة، ما يعني أن 80 في المائة تباع للمواطنين، عبر القطاع غير المهيكل، ما جعل مستوى المخاطر الصحية مرتفعا، إذ تم إحصاء 15 ألف مجزرة تقليدية، بدون تفتيش بيطري، واستعمال معدات قديمة لا تتوفر فيها شروط النظافة أثناء الذبح.
ونبه التقرير الى أن عدم استقلالية المكتب، يرجع بالسلب على مراقبة المواد الغذائية، حيث سجل المجلس، بلجنة المالية، ضعف المطابقة الصحية للمواد الغذائية مع متطلبات الشروط التنظيمية المغربية التي تمت ملاءمتها مع المعايير الأوروبية في 2013، موضحا أنه ” تم اعتماد مجزرة واحدة من أصل 180، من قبل مكتب السلامة الصحية الموجودة بالحسيمة، وثلاث أخرى تابعة للقطاع، فيما توجد 702 مذبحة قروية، منها 223 غير مراقبة شكلت نقطا سوداء استغلها مربو وجزارو الجملة لذبح الحيوانات المريضة، ما أثر على فعالية اليقظة الوبائية التي لا تحصى الأمراض المعدية المتنقلة.
واستمع أعضاء لجنة مراقبة المالية العامة بالغرفة الأولى لعرض رئيس المجلس الأعلى للحسابات حول مكتب السلامة الصحية للمنتجات الغذائية، الصادر في شهر شتنبر الماضي، والذي وقف من خلاله على مجموعة من الاختلالات، من ضمنها عدم تناسب حجم الموارد البشرية للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية مع حجم المهام الموكلة إليه، حيث لاحظ المجلس وقتها وجود خصاص كبير في الموارد البشرية للمكتب بالنظر لحجم المهام الموكلة إليه، خصوصا أن عددا كبيرا من موظفيه أحيلوا على التقاعد في السنوات الأخيرة وبوتيرة تصاعدية.
وكان المكتب الوطني للسلامة الصحية “أونسا”، كشف ضمن رده المُضمن في تقرير المجلس الأعلى للحسابات، أن استقلالية المكتب تتمثل في مجموعة من التدابير، في حين أن وصاية وزارة الفلاحة على المكتب هو أمر معمول به في مختلف دول العالم، مشيرا إلى أن السلامة الصحية مسؤولية عدد من المتدخلين وليست “أونسا” وحدها.
وأوضحت “أونسا”، أن هناك أمثلة عالمية مماثلة لاشتغالها بالمغرب، كاشفة عن الجوانب الإدارية لاشتغال المكتب والتي تمنحه استقلالية في اتخاذ جملة من التدابير والقرارات، وذلك في رده على ملاحظات المجلس المتعلقة بوصاية وزارة الفلاحة.