يعد حوض أم الربيع واحداً من أهم الأحواض المائية في المغرب، حيث يغطي خمس جهات و16 إقليماً، ويضم نسبة 16% من سكان البلاد و7% من مساحتها. يتميز الحوض بموارده المائية السطحية الوفيرة التي يبلغ متوسطها 3.17 مليار متر مكعب، ما يمثل 86% من إجمالي الموارد المائية السطحية في المنطقة. كما يتوفر الحوض على 512 مليون متر مكعب من المياه الجوفية، ما يعادل 14% من مجموع الموارد المائية.
ورغم أهمية هذه الموارد، تعاني الموارد المائية السطحية في حوض أم الربيع من عدم الانتظام في الزمان والمكان، وهو تفاوت يمثل تحدياً كبيراً لإدارة الموارد المائية وضمان استدامتها. فخلال الفترة الممتدة من 1941 إلى 2022، بلغ متوسط الواردات المائية نحو 3170 مليون متر مكعب سنوياً، إلا أن هذه الفترة شهدت تبايناً كبيراً في كمية الواردات السنوية. على سبيل المثال، سجلت السنة الهيدرولوجية 1962-1963 أعلى كمية واردات بلغت 7914 مليون متر مكعب، بينما بلغت الواردات المائية الدنيا 820 مليون متر مكعب خلال السنة الهيدرولوجية 2021-2022.
لمواجهة هذه التحديات، تبنت السلطات المغربية عدة استراتيجيات تهدف إلى تحسين إدارة الموارد المائية وضمان استدامتها. تتضمن هذه الاستراتيجيات بناء السدود والخزانات لتعزيز تخزين المياه والتحكم في تدفقها، مما يساهم في تلبية الاحتياجات المائية خلال فترات الجفاف. كما تم تطوير شبكات الري الحديثة لتعزيز كفاءة استخدام المياه وتقليل الفاقد.
وتتضمن الخطط المستقبلية لإدارة الموارد المائية وضع خطط إدارة متكاملة تأخذ في الاعتبار التغيرات المناخية والتفاوت في توافر الموارد. كما يتم تعزيز التعاون بين الجهات المعنية لضمان توزيع عادل وفعال للموارد المائية. علاوة على ذلك، يتم نشر الوعي بين المواطنين بأهمية الحفاظ على الموارد المائية وترشيد استهلاكها، وتنفيذ برامج تعليمية تستهدف الفئات الشبابية لتعزيز مفهوم الاستدامة المائية.
يمثل حوض أم الربيع تحدياً وفرصة في آن واحد. فبينما تعكس الموارد المائية الغنية إمكانيات كبيرة للتنمية، فإن التفاوت في توافرها يستدعي تبني استراتيجيات مستدامة وفعالة لإدارتها. من خلال تحسين البنية التحتية وتعزيز إدارة الموارد ونشر الوعي، يمكن لحوض أم الربيع أن يصبح نموذجاً يحتذى به في الاستدامة المائية، مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة.