إعترف رئيس الحكومة، بأن العودة إلى الحجر الصحي الشامل خيار ممكن إذا خرج الوضع الصحي المرتبط بجائحة “كوفيد 19” عن السيطرة، وقال العثماني بالبرلمان ، أنه “لا أحد منا، مسؤولين أو مواطنين، يتمنى طبعا العودة إلى الحجر الصحي الشامل لما له من آثار اقتصادية واجتماعية ونفسية هائلة، لكنه يبقى خيارا ممكنا إذا خرج الوضع عن السيطرة، وهذا رهين، بمدى التزامنا نحن أفرادا وجماعات، بتطبيق الإجراءات الاحترازية التي أصبحت معلومة عند الجميع”.
وجدد رئيس الحكومة وصفه للحالة الوبائية، ب”المقلقة”، كشافا ما اسماه ” الضغط الكبير الذي تعانيه هذه الأطقم والمنظومة الصحية برمتها في مواجهة هذا الوباء، مشددا على ضرورة الحذر من الأخبار الزائفة والإشاعات التي “تفت من عضد العاملين وتدخل المواطنين في الحيرة والاضطراب”.
وأشار إلى أن جميع القرارات التي تتخذها البلاد تعد قرارات وطنية سيادية، تبنى انطلاقا من معطيات دقيقة، موضحا أن هناك هيئات علمية وهيئات مختصة، للتتبع والتقييم والاقتراح واتخاذ القرارات الضرورية، واعتبر ” أن أي تدهور في الوضع الصحي سيضطرنا إلى تشديد أكبر في الإجراءات الاحترازية الجماعية، مما سيتسبب في إلحاق أضرار اقتصادية واجتماعية إضافية. كما أن أي معالجة للوضعية الاقتصادية والاجتماعية تستلزم صحة وسلامة المواطنين وحركية أوسع، وبالتالي تفترض تحكما أكبر في الوضعية الوبائية”.
وتحول العثماني الى طبيب مختص في علم المناعة بالبرلمان، حينما توجه الى البرلمانيين بالقول ” أن اقتراب موجة البرد وما يصاحبها من أمراض موسمية تضعف المناعة من جهة وتشبه في أعراضها تلك المرتبطة ب”كوفيد-19″، عامل غير مساعد على تجاوز هذه الأزمة، مكتفيا بالقول بان المعركة مع الوباء ما تزال مستمرة، مؤكدا أن الحكومة لم تدع يوما، وخلافا لما قد يروج، أن الخروج من الحجر الصحي يعني انتهاء الوباء.
وذكر بأن الإجراءات الاحترازية الجماعية التي بادر المغرب إلى اتخاذها، منذ بداية الجائحة، وبتعليمات سامية من جلالة الملك، مكنت من تفادي عدد كبير من الإصابات والوفيات، مشيرا في هذا الصدد، إلى الإجراءات المتخذة في عدد من المدن من قبيل طنجة ومراكش وفاس وبني ملال والتي مكنت من محاصرة الوباء وتراجعه النسبي. كما مكنت فترة الحجر الصحي من الإعداد لمواجهة تطورات الوضعية الوبائية، عبر تطوير قدرات البلاد الذاتية والرفع من مقدرات المنظومة الصحية.
وأعرب عن الأمل في محاصرة التطور المقلق للوباء في جهة الدار البيضاء-سطات، وخصوصا في مدينة الدار البيضاء، التي تحتل المرتبة الأولى وطنيا بما يناهز نصف الأعداد المسجلة إن على مستوى الإصابات أو الضحايا.
وتطرق رئيس الحكومة كذلك، إلى بعض مؤشرات الحالة الوبائية بالمملكة، إذ ذكر بأن حدة الحالة الوبائية تقاس بعدد الحالات الحرجة أو الوفيات وليس بعدد الإصابات فحسب، مشيرا إلى أن المملكة ما تزال تحتفظ بأقل النسب على الصعيد العالمي من حيث نسبة الإماتة بـ1,7 في المائة، ولافتا إلى أن معدل ملء أسرة الإنعاش الخاصة ب”كوفيد-19″ يصل إلى 36.4 بالمائة، مما يشكل ضغطا متوسطا نسبيا على المنظومة الصحية.
ودافع رئيس الحكومة عن حكومته قائلا ” أن الحكومة تحملت مسؤوليتها كاملة بالتفاعل السريع مع تطورات الوضعية الوبائية المرتبطة بجائحة “كوفيد 19” وفق تصور واضح، وقال العثماني، في معرض رده على سؤال محوري حول “السياسات الحكومية لمعالجة تحديات الوضع الاقتصادي والاجتماعي في ظل تداعيات جائحة كورونا” خلال جلسة الأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة لرئيس الحكومة حول السياسة العامة بمجلس المستشارين، إنه إذ أملت إكراهات هذه الأزمة ملاءمة السياسات العمومية مع التطورات، فقد تحملت الحكومة مسؤوليتها كاملة، بالتفاعل السريع مع تطورات الوضعية الوبائية، رغم الإكراهات والصعوبات، وانخرطت منذ الأسابيع الأولى للجائحة، وبتوجيهات ملكية سامية، في التصدي لها ولتداعياتها، وفق تصور واضح، وعبر مراحل ثلاث.
وتميزت المرحلة الأولى، يبرز العثماني، باتخاذ إجراءات استعجالية وظرفية لاحتواء تداعيات الأزمة، والتي مكنت من دعم القطاعات المتأثرة بالأزمة الصحية، ودعم المقاولة ودعم القطاعات المتأثرة بالأزمة الصحية والطبقات الاجتماعية الهشة، وتعزيز وتأهيل المنظومة الصحية الوطنية.
وأشار إلى أن المرحلة الثانية اتسمت باتخاذ إجراءات وتدابير قطاعية لمواكبة دينامية استئناف النشاط الاقتصادي عبر تسريع وتيرة أداء المستحقات لفائدة المقاولات وإحداث آليات للضمان ودعم المقاولات للولوج إلى القروض البنكية، والتوقيع على عقود برامج لإقلاع بعض القطاعات المتضررة، فضلا عن اعتماد قانون مالية تعديلي، بمثابة أساس لتفعيل تدابير تروم مواكبة الاستئناف التدريجي للنشاط الاقتصادي والحفاظ على مناصب الشغل.