في أحد أقسام التعليم الأولي بمقاطعة المعاريف، حيث يُفترض أن تكون الطفولة آمنة وتحت رعاية تربوية راقية، خرجت طفلة لم تكمل عامها الرابع عن صمتها، لتفجر قنبلة مدوية هزت جدران مؤسسة تعليمية تابعة للبعثة الفرنسية بالعاصمة الاقتصادية.
لم يكن أحد يتوقع أن تتحول كلمات عفوية قالتها التلميذة الصغيرة لمعلمتها إلى بداية مسار قضائي شائك. “الحارس فعل كذا…”، هكذا بدأت الحكاية التي سرعان ما وصلت إلى أسماع والدتها، فحملت طفلتها إلى طبيب خاص، ثم إلى قسم الشرطة، مطالبة بالكشف عن الحقيقة كاملة.
المؤسسة، التي ظلت لفترة طويلة تُقدم على أنها نموذج للتعليم الدولي المرموق، وجدت نفسها فجأة في قلب عاصفة قضائية وإعلامية، بعد الاشتباه في تورط أحد مستخدميها في اعتداء جنسي على قاصر.
في كواليس التحقيق، تسود السرية. لا تصريحات رسمية، ولا تسريبات وافية. فقط إشارات متفرقة تؤكد أن النيابة العامة أمرت بإخضاع الطفلة لفحص طبي ثانٍ بمستشفى عمومي، وبأنها تحدثت مجدداً عما تعرضت له، وحددت مكان الحادث: تحت لعبة للتزحلق، في ركن هادئ من ساحة المدرسة.
الغريب أن المشتبه فيه أُخلي سبيله مؤقتاً، رغم خطورة التهم، مع وضعه تحت المراقبة القضائية ريثما تُستكمل التحقيقات. بالموازاة، تسابق الضابطة القضائية الزمن لتفريغ تسجيلات كاميرات المراقبة داخل المؤسسة، في محاولة لتجميع الأدلة أو دحض الشبهات.
الملف ما زال في بدايته، لكنه أثار نقاشاً عارماً حول آليات حماية الأطفال في المدارس، خاصة تلك التي تشتغل خارج منظومة الرقابة الوطنية المباشرة. هل تكفي السمعة الدولية والمناهج المستوردة لضمان الأمان؟ وأين الخلل في منظومة التوظيف والمراقبة داخل هذه المؤسسات؟
الطفلة، التي لا تعي بعد حجم الزلزال الذي أحدثته، ربما أنقذت غيرها من الأطفال بصراحتها وجرأتها. أما أسرتها، فتنتظر عدالة لا تنحني أمام النفوذ، ولا تصمت أمام الألم.