سجلت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل استمرار تصاعد موجة الغلاء الفاحش، وما يعانيه المواطنون من اكتواء بلهيب الأسعار، وارتفاع أثمنة المواد الأساسية، ودعت لتدخل حكومي عاجل لوقف نزيف القدرة الشرائية، وقالت الكونفدرالية في بلاغ لمكتبها التنفيذي إن الغلاء والممارسات المخالفة في السوق، تقع أمام أنظار الحكومة التي تحللت من مسؤوليتها في الحفاظ على القدرة الشرائية للمغاربة، ومراقبة الأسعار، وفتحت المجال للمضاربات والاحتكار ولوبيات التفاهمات.
واستنكرت المركزية النقابية تجاهل الحكومة لمظاهر الأزمة الاجتماعية، ودعتها إلى التعجيل باتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، والقيام بالخطوات الضرورة لمواجهة موجة غلاء الأسعار، ومحاربة كل أشكال الفساد والمضاربات والاحتكار والاغتناء على حساب جيوب المواطنين.
وانتقدت الكونفدرالية استمرار التضييق على الحريات العامة واستهداف الحريات النقابية، ومحاربة النقابيين من خلال حملات الطرد المتواترة، وأشارت إلى أن مسيرتها الوطنية ليوم الأحد بعثت مرة أخرى برسائلها الضرورية لكل من يهمه الأمر، ودعت إلى مواصلة التعبئة والاستعداد لخوض النضال من أجل التصدي للقرارات والقوانين والسياسة اللاشعبية للحكومة، دفاعا عن حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة وعموم المواطنين.
وجدد المكتب التنفيذي للكونفدرالية رفضه للقانون التكبيلي للإضراب الذي يقيد ويكبل ويجرم حق الإضراب الذي يكفله الدستور والمواثيق الدولية، محملا الحكومة مسؤولية الاستمرار في نهجها الانفرادي، وتمرير قوانين تراجعية لا شعبية، تجهز على الحقوق والمكتسبات.
وعبرت المركزية من مساندتها ودعمها للمعارك النضالية التي يخوضها المتصرفون والمهندسون والتقنيون أيام 25 و 26 و 27 فبراير الجاري، ودعا إلى الانخراط في هذه المحطات النضالية من أجل حمل الحكومة على تفعيل مقتضيات اتفاق 30 أبريل 2022، عبر فتح حوار جدي ومسؤول يتجاوب مع المطالب العادلة والمشروعة لهذه الفئات.
و تشهد أسعار المواد الأساسية ارتفاعا ملحوظا في الأسواق، ويشمل ذلك منتجات من قبيل اللحوم والخضر والفواكه والسمك والبيض، وأخرى يزيد الإقبال عليها خلال شهر رمضان، وهو ما خلف استنكارا واسعا وسط المواطنين، بدأ يتحول إلى دعوات للمقاطعة.
وتشير أصابع الاتهام أساسا في غلاء الأسعار إلى “التجار” المضاربين والمحتكرين وإلى اختلالات السوق، وهو ما تقر به الحكومة، وتوالت بشأنه البلاغات الاستنكارية من هيئات حقوقية وسياسية ونقابية. وتجد هذه الاختلالات بيئة مناسبة في ظل ضعف المراقبة من طرف السلطات المختصة، وغياب الوعي الاستهلاكي لدى المواطنين.
و أبرز بوعزة الخراطي رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك أن العرض من المنتوجات الأساسية متوفر بشكل جيد بمختلف الأسواق، إلا أن الأسعار تعرف ارتفاعا إضافيا ما بين 2% و6% خلال هذه الفترة، يدعمه تهافت المواطنين.
وانتقد الخراطي سلوك المستهلك المغربي الذي يميل نحو اقتناء نفس المنتجات في نفس الفترة وبكميات كبيرة، ما يفتح الباب أمام الباعة لرفع الأسعار، بحكم أن السوق حرة، وتخضع لقاعدة العرض والطلب.
وتواجه حكومة أخنوش انتقادات لاذعة بسبب الغلاء، ولا تقتصر هذه الانتقادات على أحزاب المعارضة والهيئات النقابية والمدافعة عن حقوق المواطن، بل يتعدى الأمر ذلك، حيث تطال الحكومة الانتقادات من طرف الأحزاب المكونة لها، بل ومن طرف وزراء داخلها، كان آخرهم نزار بركة الذي استنكر الغلاء والممارسات المخالفة.
ويتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي تدوينات تستنكر الغلاء، مصحوبة بوسم “المقاطعة” في دعوات متفرقة، منها ما يدعو للاقتصار على الأسماك إلى حين رجوعها لأسعار تناسب جيوب المغاربة، ومنها ما يدعو لمقاطعة تشمل كل المنتجات “الغالية”، بما في ذلك اللحوم والبيض والدجاج وغيرها، وإذا كانت دعوات المقاطعة تعبر عن احتجاج المغاربة على الغلاء وغضبهم من الممارسات الجشعة، فإن العديد من الأصوات لا تنفك تحذر الحكومة، ومنذ أشهر، من تزايد الاحتقان الاجتماعي، بسبب لهيب الأسعار وانهيار القدرة الشرائية في ظل تفشي البطالة والفقر وضعف الثقة، وتدق ناقوس الخطر إزاء تبعات ذلك على السلم الاجتماعي.