إدريس عدار
أثيرت، على هامش اللقاء التواصلي الذي نظمته المندوبية العامة للسجون، قضية المعتقلين السابقين في قضايا الإرهاب. وعاد الكلام من جديد عن “مراجعات الجهاديين”. موقع “لوسيت أنفو” استمع إلى المعتقل السابق في قضايا الإرهاب عبد الله اليوسفي، وأحسنت الصحفية خديجة الشافي لما كتبت أن هذا الناشط المغربي في التنظيم المتطرف يروي قصته قبل “التوبة” وينصح الشباب. أعتقد أن مفردة “التوبة” بمعنى من معانيها أفضل من استعمال مفهوم “المراجعات”.
في سرديته تحدث اليوسفي عن مرحلة التعليم في معهد متخصص بالتعليم العتيق وتأثره بأفكار الجهاد وصولا إلى التحاقه بتونس حيث انضم إلى تنظيم القاعدة الإرهابي. ويحكي أيضا عن دخوله السجن وهناك سيقرأ كثيرا من الكتب ليكتشف خطأ التيارات الجهادية في فهم الدين وفهم الجهاد.
ولم أفهم كيف انبرى “باحث” لينفي عنه الانتماء إلى تنظيم القاعدة واصفا من نشر ذلك بصحافة “آخر الزمن”. لكن الحقيقة أن عبد الله اليوسفي نفسه صرّح بأنه انتمى إلى تنظيم القاعدة. ومقال الصحفية الشافي مرفوق بالفيديو.
ما يسمى “مراجعات الجهاديين” يريد منها البعض إعادة كتابة “تاريخ الإرهاب”. طبعا كل جيل يكتب تاريخه، ولكن “المراجعات” تبقى جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الإرهاب وتاريخ الجماعات التكفيرية، التي لا يمكن للبروباغندا أن تصنع لها خبراء، ولا يمكن أن تتحول إلى أداة لإعادة قراءة تاريخ الإرهاب وإعادة كتابته.
ما معنى أن تنفي عن شخص تهمة “الانتماء لتنظيم القاعدة” وهو يقر بذلك؟ أليس الأمر تزييفا للتاريخ؟
كثير من تاريخ الجهاديين تم وضعه في “مصبنة” الإعلام كي يخرج أبْيضَ. لكن هيهات. وكثير من الصحفيين “الخبراء” في الحركات الجهادية والإسلامية شكلوا أداة “التصبين”. من وصف داعش في الموصل بأنها “ثورة أهل السنة” لن يصعب عليه نفي تهمة الانتماء للقاعدة عن شخص يقر بها ويعتبرها من ماضيه.
تبقى مفردة “التوبة” هي اللباس الذي يليق بمن تورط مع الحركات الجهادية واكتشف خطأه أو اصطدم بالحائط وعاد. كثير من الشباب يتوجهون إلى تجارات غير مشروعة كالحشيش، وعندما يكتشفون أنهم دخلوا النفق يعودون إلى حياتهم الطبيعية. من يتحدث عن “المراجعات” لا يفوته أن يسميها “مراجعات محششة”.
المراجعات يقوم بها صاحب “فكرة”. هل كل الجهاديين أصحاب فكرة؟ طبعا ليسوا كذلك. فشيوخهم مقلدون لفقهاء المشرق، وبالتالي التابع لن يكون أحسن من المتبوع.
بنكيران نفسه يتحدث عن مراجعات. كان شابا عندما انتمى إلى الحركة الإسلامية. وجد العمل وفق قانون الجمعيات أنجى وأسلم من العمل السري فتبناه. ولأنه كان ينتمي لتيار سلفي بحث عن مسوغات تراثية. أين هي المراجعات؟
أبو حفص يتحدث أيضا عن المراجعات. لم يدخل السجن لأنه مفكر ولكن لأنه داعية إلى الإرهاب. وخرج من السجن في إطار صفقة معينة وبقي مدة من الزمن على حاله. ذات يوم انقلب إلى “لبيرالية بهلوانية” فقال إن ذلك نتيجة مراجعات فكرية. متى تمت وأين؟
لا يمكن أن نمسح “تاريخ الإرهاب” بممحاة “المراجعات”. ولكن بالإقرار بأن الجهاديين منحرفون عادوا إلى المجتمع بعد السجن.