توقعت المندوبية السامية للتخطيط، أن أزمة ” كورونا” سيكون لها آثار سلبية على اقتصاد المغرب على مدى العامين المقبلين، حيث من المرتقب أن يعرف تباطأ وركودا غير مسبوق، وأفادت المندوبية ، أن ” انتهاء الأزمة ستمكن من عودة بعض الانتعاش للاقتصاد العالمي، مدفوعًا بشكل أساسي بالأداء الجيد للاقتصادات الناشئة والنامية، مما يؤثر بشكل إيجابي على الطلب الموجه إلى المغرب.
وأفاد التقرير، أن الاقتصاد سيعرف بعض المرونة حيث أن ديناميكية الصادرات الوطنية ستعود، مدفوعة بأداء القطاعات التي تشكل العمود الفقري لتداولات المغرب العالمية، وكذلك بالأداء الذي يمكن ملاحظته على جانب تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي يتلقاها المغرب ، كما توقعت بارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4٪ سنويًا، مدفوعا بالموقع الجديد للمغرب في سلاسل القيمة، وتخصصه في المهن الصناعية، فضلاً عن الإصلاحات والجهود التي سيتم بذلها من حيث تحديث النظام الإنتاجي وتعزيز قدرته التنافسية.
وشددت المندوبية على أن الوباء هو بمثابة فرصة لتسريع الإصلاحات بالمغرب، ومنها توسيع التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة، كما يمكن استغلالها في تحسين عائدات الاستثمارات، وتعزيز التكامل الصناعي في بعض القطاعات الواعدة ورفع قدرتها التنافسية ، وهو أمر ضروري لتخفيف الضغوط التنافسية التي تسببها الواردات على النسيج الإنتاجي الوطني، و دعم الاستثمارات العمومية لصالح تقوية البنية التحتية الاقتصادية، لا سيما الطرق والطرق السريعة والموانئ والمطارات والسدود.
و كشف عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب، عن توقعات “مقلقة” للبنك في المرحلة المقبلة، مشيرا الى إمكانية تسجيل انكماش للإقتصاد الوطني بنسبة 6,3 في المائة، وتفاقم عجز الحساب الجاري إلى 6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي في سنة 2020، وتقلص الحساب الجاري إلى 5,2 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2021، منبها من تتدنى مداخيل الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى ما يعادل 1,5 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، متوقعا أن يناهز جاري الموجودات الرسمية الاحتياطية 294,7 مليار درهم في نهاية سنة 2020، و289 مليار درهم في متم سنة 2021، ليعطي ما يعادل 6 أشهر و20 يوما من واردات السلع والخدمات.
وتوقع الجواهري تفاقم عجز الميزانية، دون احتساب الخوصصة، وارتفاع دين الخزينة من 65 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2019 إلى 76,1 في المائة في سنة 2020، حيث يرتقب أن يشهد الاقتصاد الوطني، حسب السيناريو الأساسي المعتمد من طرف بنك المغرب، انكماشا بنسبة 6,3 في المائة مع نسب تراجع قدرها 5,3 في المائة بالنسبة للقيمة المضافة الفلاحية و6,3 في المائة بالنسبة للقيمة المضافة غير الفلاحية، وفي سنة 2021، و من المتوقع أن يرتفع الناتج الداخلي الإجمالي بنسبة 4,7 في المائة بفضل تزايد القيمة المضافة الفلاحية بواقع 12,6 في المائة، مع فرضية تحقيق محصول حبوب قدره 75 مليون قنطار، إلى جانب تحسن القيمة المضافة غير الفلاحية بنسبة 3,7 في المائة.
و أوضح بلاغ لبنك المغرب أنه خلال اجتماع لتدارس المجلس تطورات الظرفية الاقتصادية والاجتماعية وكذا التوقعات الماكرو اقتصادية للبنك على المدى المتوسط، والتي تم تحيينها، مقارنة بتلك الصادرة في شهر يونيو، على ضوء المعطيات المتوفرة وبالنظر إلى تطور الوضعية الصحية و التدابير التي اتخذتها السلطات، أنه “بناء على ذلك، يتوقع السيناريو المركزي انكماش الاقتصاد سنة 2020 بشكل أكثر حدة مما كان متوقعا في يونيو، يليه انتعاش نسبي سنة 2021. إلا أن هذا السيناريو يبقى محاطا بشكوك كبيرة ارتباطا على الخصوص بتغير الوضعية الويائية وآثارها على الصعيدين الوطني والدولي”.
وكشف الجواهري ، عن فقدان صاف مجموعه 589 ألف منصب شغل، موضحا أن أربعة أخماسه سجلت في قطاع الفلاحة، إضافة إلى ذلك، اشتغل ما يناهز ثلثي الأشخاص الذين حافظوا على مناصب عملهم وقتا أقل مما هو معتاد حيث انخفض حجم ساعات العمل الأسبوعية للفرد الواحد من 45 إلى 22 ساعة، خاصة في القطاعات غير الفلاحية، إذ من المتوقع أن تتراجع الصادرات بنسبة 16,6 في المائة قبل أن ترتفع بواقع 22,4 في المائة في سنة 2021 مدفوعة أساسا بالارتفاع المرتقب في صادرات قطاع السيارات. وفي المقابل، من المنتظر أن تتقلص واردات السلع بنسبة 17,4 في المائة قبل أن ترتفع بنسبة 17 في المائة سنة 2021.
وأشار الجواهري، الى أنه يرتقب أن تعرف تحويلات المغاربة المقيمين في الخارج تراجعا محدودا في 5 في المائة إلى 61,5 ملیار قبل أن تتحسن بنسبة 2,4 في المائة إلى 63 ملیار في سنة 2021، مسجلا أن مؤشر الأسعار عند الاستهلاك، بعد استقراره في الفصل الثاني وانخفاضه الطفيف على أساس سنوي في شهر يوليوز، قد ارتفع بنسبة 0,9 في المائة في غشت على إثر تزايد أثمنة المواد الغذائية المتقلبة الأسعار.
و أفرز تنفيذ الميزانية بنهاية الأشهر الثمانية الأولى من السنة عجزا بواقع 46,5 مليار درهم، مقابل 35,2 مليار سنة من قبل، وذلك أخذا في الاعتبار تحقيق رصيد إيجابي بقيمة 9 ملايير في الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا.