“من يحطم حياة الآخرين بالكذب، سيرى حياته تُحطم بالحقيقة”، هكذا دوّى صوت ميغيل أنخيل غاموندي في تدوينة اختلط فيها الألم بالفخر، بعد أن لفظه نادي حسنية أكادير سنة 2019 في قرار لم تفهمه جماهير الغزالة السوسية، ولا حتى منافسوها.
كان ذلك العام ذروة ما يُمكن أن يُسمى بـ”الحلم المؤجل” لحسنية أكادير. فريق متواضع الإمكانيات، لكنه يزخر بروح قتالية، نجح بقيادة غاموندي في اقتحام مربع الكبار: نهائي كأس العرش، مرحلة المجموعات في كأس الاتحاد الإفريقي للمرة الثانية توالياً، ومركز ثالث في البطولة الاحترافية.
أرقام لم تكن لتُنجز لولا رجل صنع من القليل كثيراً، ومن المغمورين نجوماً.
لكن وراء الستار، لم تكن الأمور وردية. الإقالة المفاجئة التي هزت الشارع السوسي لم تأتِ لأسباب رياضية، بقدر ما كانت انعكاساً لصراع خفي، قيل فيه الكثير وسُكت فيه عن الأكثر. وغاموندي، بلغة رجل لم يعد يخشى شيئاً، كتب تلك العبارة التي تحولت مع مرور السنوات إلى ما يشبه النبوءة.
مرت أعوام، وتغيرت أسماء، وجاءت مجالس ورحلت أخرى، لكن حسنية أكادير ظل يراوح مكانه، كأن الزمن توقف عند 2019. الفريق الذي كان قريباً من كتابة فصل تاريخي جديد، وجد نفسه في دوامة من الشكوك والقرارات المرتجلة.
أما غاموندي، فقد بقي حاضراً، لا من خلال المناصب أو الأندية التي أشرف عليها بعدها، بل من خلال ذلك السطر الذي دوّنه يوماً ما، وتحول إلى مرآة عاكسة لحقيقة مرّة: حين يُستغنى عن الكفاءة، وتُدار الفرق بالعاطفة أو المصالح، فإن الهدم يكون أسرع من البناء.
قد تكون التدوينة منسية في ركن بعيد من مواقع التواصل، لكنها بالنسبة لمن عاشوا تلك المرحلة، لا تزال تصرخ في وجوهنا: من يحطم الحقيقة اليوم… بأي كذبة سيُبرر الغد؟