في لحظةٍ مفعمة بالإيمان والاعتزاز، رفرفت الراية المغربية عالياً في سماء العاصمة الأردنية عمان، بعد أن خطفت الشابة هاجر يونس، البالغة من العمر 22 سنة، الجائزة الأولى في الدورة العشرين من المسابقة الهاشمية الدولية للإناث لحفظ وتلاوة القرآن الكريم، متفوقةً على 43 متسابقة قدمن من أربعين دولة، يمثلن تنوعًا واسعًا من بقاع الأرض.
هاجر، وهي إحدى طالبات معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية بالرباط، أثبتت من خلال أدائها المتزن وصوتها العذب أنها ليست مجرد متسابقة، بل سفيرة لمدرسة قرآنية عريقة. أداؤها كان مبهراً، بعيدًا عن التكلف والزخرفة، وقريبًا من روح النص وأصالته، ما جعل اللجنة العلمية الدولية تشيد بها، وتمنحها المركز الأول دون تردد.
وعقب التتويج، عبّرت هاجر في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء عن سعادتها الكبيرة بهذا الإنجاز، معتبرة أنه لا يمثلها فقط، بل يمثل المغرب كله، ذلك البلد المعروف بولعه الكبير بالقرآن الكريم، وحرصه على تحفيظه لأبنائه جيلاً بعد جيل.
“هذا الفوز تتويج لتاريخ طويل من الاجتهاد، ولمنهج علمي صارم وراقٍ يتبعه المعهد”، تقول هاجر، مؤكدة أن المسابقة لم تكن سهلة، بالنظر إلى تقارب مستويات المشاركات وتنوع مدارسهن القرآنية. لكنها، بثقة وهدوء، استطاعت أن تضع بصمتها الخاصة، وتترك صدى تلاوتها يتردد في القلوب قبل القاعات.
وقد حصلت هاجر على جائزة مالية قدرها 600 دينار أردني (حوالي 850 دولاراً أمريكياً)، بينما جاءت النيجيرية خديجة طاهر عمر في المركز الثاني، تلتها التونسية أسماء بنت عبد الرزاق شلبي، ثم الليبية دانية خالد حسن محمد، فيما احتلت الإيرانية سوكند محسن رفيع زاده المركز الخامس.
هذا التتويج المغربي ليس الأول من نوعه، لكنه يظل مميزًا بطابعه الأنثوي والعلمي، ويعكس مرة أخرى الحضور القوي للمغرب في الساحة القرآنية الدولية، بفضل كتاتيب ومعاهد ومدارس جعلت من خدمة كتاب الله رسالتها الأولى.
وتُعد المسابقة الهاشمية، التي تنظمها وزارة الأوقاف الأردنية منذ عام 1993، واحدة من أبرز الملتقيات القرآنية على المستوى الدولي، حيث شارك فيها منذ انطلاقتها أكثر من 45 ألف متسابق ومتسابقة من مختلف دول العالم.
وفي كلمته الافتتاحية للدورة العشرين، شدد وزير الأوقاف الأردني محمد الخلايلة على أهمية فهم القرآن الكريم فهماً صحيحاً، باعتباره مرجعية للسلوك القويم، وأساسًا لقيم التسامح والعدل والرحمة التي تحتاجها الإنسانية اليوم أكثر من أي وقت مضى.
وهاجر، التي تابعت دراستها ضمن مسالك التعليم العتيق، تُجسد اليوم ذلك التوازن الجميل بين الأصالة والتحديث، بين الجذور التي تربطنا بماضينا، والطموح الذي يدفعنا نحو آفاق أرحب.