حاولت بعض وسائل الإعلام الغربي، المرتبط بمصادر النفط والغاز، إلصاق تهمة التجسس عن طريق برنامج بيجاسوس للتجسس، وتم تفنيد هذه الفرية التي تبين أنها مخدومة ومدفوعة الأجر، غير أننا لم نكن نعلم أن بيننا في المغرب من يصدق ذلك بل من يؤكد ذلك، حتى اكتشفنا أن عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، له القدرة على معرفة “لون التقاشر” لدى كل مواطن، مما دعانا إلى الركون إلى فرضية أن وهبي يتوفر على برنامج بيجاسوس، وهذه هي الدواعي؟
لقد قال وهبي، موجها كلامه إلى مدير الثقافة بتارودانت، “ياك أنا وزير العدل، وكلشي المؤسسات مفروض تخدم معاية، وكنعرف لون تقاشر ديالك”. لن يستطيع الوزير القيام بذلك إلا بامتلاكه لبرنامج بيجاسوس. كثرة الهم تُضحك للأسف الشديد.
نعرف أن الاستعلامات العامة تابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، إحدى مؤسسات وزارة الداخلية، وجهاز الشؤون العامة تابع لوزارة الداخلية، وبالتالي فإن جهاز “المقدمين والشيوخ” لن ينفعوا الوزير وهبي، والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني تابعة لوزارة الداخلية، واستعلامات الدرك لا علاقة لها بوزارة العدل وكذلك جهاز الاستعلامات في القوات المساعدة، أما بعض الأجهزة الأخرى فلا علاقة لها بالحكومة أصلا.
إذا كانت الأجهزة المكلفة بجمع المعلومات لا علاقة لها بوزير العدل فمن أين جاء بفكرة كل المؤسسات مفروض فيها التعامل معه؟ وهذه الأجهزة كلها دورها حماية أمن الوطن والمواطن لا معرفة لون التقاشر وشكل السوتيان والكيلوط.
في وقت كان المغاربة يقولون “إن للحيطان آذانًا” لم نسمع بأن الدولة قادرة على التعرف على لون التقاشر، ورغم قوة الاستعلام حينها خرجت انتفاضات مثل انتفاضة الخبز سنة 1984 وغيرها، ولم يقل أحد من المسؤولين إنه قادر على أن يكون أقرب إلى الناس من “حبل الوريد”، لأن في ذلك محاولة لاقتسام قدرات إلاهية غير متاحة للبشر أصلا.
بعد أن تبين أن كل الأجهزة ليست تحت إمرة الوزير وأن جهاز الشرطة القضائية، الذي رغم أنه لا يتوفر على دور استعلاماتي، فهو أيضا تابع للنيابة العامة، غير التابعة لوزير العدل، وأن وهبي، بما هو في هذا المنصب، دوره هو بناء المحاكم وشراء الكراسي وجافيل، بعد أن تبين ذلك نقول لوهبي أنت لا تعرف ما في مكتبك بالوزارة.
في هذا الوقت صدر تقرير عن المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، اعتمد أساسا على تقارير المنظمات الحقوقية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الوطني للصحافة والمفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وتهدف المندوبية إلى مراقبة احترام حقوق الإنسان بما هي وظيفة سيادية للدولة، وهل يعرف وهبي أنه بتصريحه يضرب إحدى أهم ركائز دولة الحقوق والحريات ألا وهي الحق في احترام الخصوصية، فحتى الجاسوسية لها مقدار لا يتجاوز حماية الأمن والأمان، أما ما ذهب إليه وهبي لا يوجد إلا في دولة نازية.