لم يلتفت أحد لخطورة ما جاء على لسان الوزير السابق محمد أوجار المعروف بكثرة تحفظه وثقل لسانه وخوفه من جلبابه، إذ بجرأة لم نعهدها لا فيه ولا في حزبه سيطلق العنان للسانه وسيتحول بقدرة قادر لشيغيفارا زمانه للتهكم على جلالة الملك واختصاصاته واختياراته الدستورية، في تعيين مدراء ومسؤولي مؤسسات الحكامة وهو اختصاص حصري لجلالة الملك بمقتضى الدستور.
إن ما قاله محمد أوجار تتجاوز حمولته الثقيلة مجرد رغبة في زعزعة المشهد السياسي، أو صناعة بوليميك ، كما انه ليس مجرد خلاف تدبيري مستتر بين رئيس حكومة ومؤسسة ملكية طفا على السطح، بل إن الأمر يتجاوز ذلك بكثير باعتباره حالة من إبراز القوة ولي ذراع القصر والتدخل السافر في اختصاصاته وقد بدا ذلك واضحا كما أسلفنا في مقالات سابقة من خلال حكومة اخنوش الثانية والتي حاول حزب الأحرار من خلالها بعث رسالة مفادها ان لا احد يتدخل في اختيارات سي عزيز وأنه مستعد لتعيين حتى سائقه أو طباخه وزيرا للعدل، كما تجلى أيضا في اعادة تعيين وهبي ضدا على الطبيعة والمنطق، وانكشف كذلك في تعيين الوزير السعدي على أنغام مهبول أنا، ومستخدم الزوجة وزيرا للصحة وغيره كثير، واليوم تزداد الرغبة في إبراز هذه الهيمنة والقوة من خلال التدخل السافر في اختصاصات جلالة الملك ومحاسبته على اختياراته بجسارة منقطعة النظير لم يقدر عليها لا حزب الاتحاد الاشتراكي أيام اليوسفي ولا حزب العدالة والتنمية أيام بنكيران، فما سر هذه الجرأة وهذه الشجاعة ومن أين تستمد قوتها ونفوذها والجميع يعلم أن لا جماهير لهذا الحزب ولا نقابات ولا هياكل ولا تنظيمات موازية ولا حتى تعاطف شعبي يقيه ساعة الغضب، حتى تملك الجرأة لترمي بهذه القنبلة الثقيلة دون حساب لتداعياتها، وهل أموال المحروقات والصفقات العابرة للحدود وحدها كفيلة بمنح صاحبها هذا النفوذ ليتحدى ملك البلاد.
ان قصة هذا الهجوم غير المألوف على جلالة الملك من حزب التجمع الوطني للأحرار والحكومة تحتاج منا اعادة لكتابة التاريخ ووضعا دقيقا للنقط على الحروف من احداث 20 فبراير وكيف مهد لها لتكون الشماعة التي من خلالها تسرق اختصاصات الملك بدعوى الملكية البرلمانية، وتمتد لأحداث الريف وكيف سعى البعض لشيطنة الحراك الاجتماعي السلمي والدفع به نحو العنف والتطرف والسعي لإطفاء تلك اللحمة التي طالما ربطت العرش بالشعب وتلك العلاقة الاستثنائية بين ملك مواطن ورعاياه الأوفياء ، إلى البلوكاج وحتى تعيين أخنوش رئيسا للحكومة بمعية حزب البام والاستقلال لتنطلق مرحلة جديدة من الهجوم على القصر الملكي بدأها وهبي من خلال اتهامه الصريح لمؤسسة إمارة المؤمنين باستغلال الدين في السياسة، واستمر في نفس حملة التبخيس والإساءة أيام تكليفه بإعداد مشروع مدونة الأسرة وخروجه عن توصيات وتوجيهات الرسالة الملكية بل وسعيه للهيمنة على تعديلاتها وفق منظوره ورؤيته هو ومن يقف وراءه فكان جواب جلالة الملك في غاية الحكمة والرزانة بإعادة إرسال المشروع للمجلس العلمي الأعلى ورد الاعتبار لهذه المؤسسة بعد ان كالت لها حكومة اخنوش ابشع الاهانات والتهميش.
وهكذا يبدو بجلاء ان هناك قوة كبيرة جدا وقوية جدا هي التي تمنح اليوم لهؤلاء المعروفون بخوفهم الجيني الحصانة للتجرأ حتى يعبثوا ويعيثوا في المغرب فسادا وسيطرة على الشعب من خلال تحييد المؤسسة الملكية ودورها المحوري، في سعي مكشوف ومتسارع للهيمنة على كافة مراكز القرار إبتداءا بالصحافة الرسمية والمستقلة إلى قطاع العدل والمحاماة، إلى مصادر الثروات والتجارة، ولم يتركوا صغيرة ولا كبيرة إلا وتدخلوا فيها للهيمنة والسيطرة عليها، ولم تبقى سوى مؤسسات الحكامة التي يسعى القصر من خلال تعييناته فيها إلى احداث التوازن في الدولة وضمان نوع من الرقابة على العمل الحكومي خصوصا امام ضعف المعارضة الحزبية وقتل الصحافة المستقلة، وهنا سيفهم كثير من المحللين لماذا كنا دائما نرفع شعار “ملكية قوية ضامنة للحرية والديمقراطية ” وهو نفس الشعار الذي واجهنا من خلاله مخطط 20 فبراير، والتعديلات الدستورية الملغومة، والسؤال الكبير الواجب طرحه اليوم هو من هي هذه القوة التي تقف اليوم في تحد سافر أمام اختصاصات الملك وما هي ارتباطاتها وحدودها وجغرافيتها، وماذا تريد بالشعب المغربي ومؤسسته الملكية، كما ان الأخطر ايضاً فيما قاله أوجار هو كشفه عن سعي حزب اخنوش لصناعة جبهة في مواجهة القصر الملكي تتكون من الأحزاب السياسية من خلال مغازلته لها في دفاعه عن ضرورة الزيادة في تمويلاتها، بالإضافة إلى سعيه لتأجيج احزاب كبرى مثل الحركة الشعبية والعدالة والتنمية لتنضم لتحالف الانقلابيين على اختصاصات الملك، وليس إثارة كون تعيين غالبية رؤساء هذه المؤسسات من الاتحاديين سوى قميص عثمان الذي يراد من خلاله فتح جبهة مواجهة ولي ذراع وابتزاز مقيت وفتح باب فتنة يعلم الله منتهاها.
وعليه فإننا في الحزب المغربي الحر نعلنها صراحة أننا كنا مع المؤسسة الملكية وسنبقى كذلك ومع ضرورة حماية وصون اختصاصاتها الدستورية وحريتها الكاملة في ممارسة سلطاتها، كما نبلغ سي أوجار أن رشوته الخفية للأحزاب بدعوته لضرورة زيادة الدعم العمومي غير مقبولة تماما من طرفنا مادامت غاياتها مكشوفة، فما كل شيء يشترى بالمال، ولن نبيعكم ملكنا، وندعو بالمقابل كافة الأحزاب السياسية والقوى الحية إلى التحلي باليقظة والتصدي بحزم لما يحاك ضد الوطن والمواطن خصوصا بعد خروج المواجهة من الصالونات الخفية إلى العلن.
#إسحاق_شارية
#الحزب_المغربي_الحر)