يستعد المغرب لدخول مرحلة شلل اقتصادي واجتماعي واسع، يومي الأربعاء والخميس، إثر إعلان خمس مركزيات نقابية انخراطها في إضراب عام وطني وصفته بـ”الإنذاري”، احتجاجًا على محاولة تمرير مشروع قانون الإضراب، وسط تصعيد غير مسبوق بين الحكومة والنقابات.
ويواجه يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، عاصفة من الانتقادات، مع استمرار تعثر الحوار الاجتماعي، فيما ترى النقابات أن الحكومة تحاول “فرض الأمر الواقع” مستفيدة من أغلبيتها العددية داخل البرلمان.
احتقان في مجلس المستشارين
الإضراب الذي دعت إليه الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد المغربي للشغل، والمنظمة الديمقراطية للشغل، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، وفيدرالية النقابات الديمقراطية، يضع الحكومة في مواجهة مباشرة مع أقوى المركزيات النقابية، لا سيما أن هذه النقابات تمثل الأغلبية الساحقة لمقاعد ممثلي الأجراء في مجلس المستشارين.
ورغم نجاح الحكومة في تمرير المشروع في مجلس النواب بعد تعديلات جزئية، إلا أن مناقشته داخل مجلس المستشارين فجّرت موجة من الاحتجاجات، بلغت ذروتها بانسحاب فريق الاتحاد المغربي للشغل من الجلسة، واتهامه الحكومة بـ”الانفراد” في تدبير مشروع يمس الحقوق النقابية.
“مشروع تقييدي وخطير”
النقابات اعتبرت أن المشروع يسعى إلى “تقييد حق الإضراب”، حيث وصفت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل مشروع القانون بأنه “جزء من السياسة اللا اجتماعية للحكومة، التي تنحاز للمصالح الاقتصادية الكبرى على حساب حقوق العمال”. أما الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، فاعتبر أن تمرير المشروع “يشكل مساسًا بالحريات النقابية”، خاصة في ظل تفاقم الغلاء والتدهور الاجتماعي.
السكوري في قلب العاصفة
يونس السكوري، الذي احتفى سابقًا بتمرير المشروع في الغرفة الأولى، يواجه اليوم مأزقًا حقيقيًا داخل الغرفة الثانية، بعدما اصطدم بفيتو نقابي واسع. ويأتي ذلك في ظل انتقادات متزايدة لأدائه، مع تسجيل ارتفاع غير مسبوق في البطالة التي بلغت 21.3%، وفق أرقام المندوبية السامية للتخطيط، إلى جانب تزايد حالات إفلاس المقاولات الصغرى، التي وصلت إلى 15,658 مقاولة خلال عام 2024، وفق معطيات مكتب “أنفوريسك”.
في ظل هذا التصعيد، تتجه الأنظار إلى ردة فعل الحكومة ومدى استعدادها لتقديم تنازلات، أو المضي قدمًا في تمرير المشروع رغم المعارضة الواسعة، مما قد يفتح الباب أمام موجة احتجاجات أشمل في المستقبل القريب.