شهدت أسعار سمك السردين ارتفاعاً ملحوظاً خلال الأسابيع الأخيرة، حيث قفز سعر الكيلوغرام الواحد من 20 درهماً إلى ما بين 25 و30 درهماً، بينما تجاوز سعر الصندوق الواحد 800 درهم في بعض الأسواق.
هذه الزيادة أثارت استياء المستهلكين، خاصة الأسر ذات الدخل المحدود، التي تعتبر السردين أحد المكونات الأساسية لموائدها اليومية.
يرجع المهنيون هذا الارتفاع إلى مجموعة من العوامل، من بينها:
تراجع الكميات المعروضة بسبب التغيرات المناخية التي أثرت على هجرة الأسماك.
ارتفاع كلفة رحلات الصيد، نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات والتكاليف اللوجستية.
الراحة البيولوجية للسردين، التي تحدّ من نشاط الصيد لفترات معينة، ما يؤدي إلى انخفاض المعروض في الأسواق.
كما أن تكاليف النقل من أسواق الجملة إلى أسواق التقسيط تلعب دوراً في تحديد الأسعار، إلى جانب هوامش ربح الوسطاء، وهو ما ينعكس على الأسعار النهائية للمستهلكين.
مع اقتراب شهر رمضان، الذي لم يعد يفصلنا عنه سوى ثلاثة أسابيع، يزداد الطلب على السردين، ما يرجح استمرار ارتفاع أسعاره.
إذ يُعد هذا النوع من السمك مكوناً رئيسياً في العديد من الأطباق المغربية، خصوصاً في وجبات الإفطار، لما يحتويه من قيم غذائية عالية، أبرزها أحماض الأوميغا 3 المفيدة للصحة.
رغم هذه الأزمة، يظل المغرب أكبر منتج ومصدر عالمي للسردين، حيث يتم تصدير أكثر من نصف الإنتاج إلى إفريقيا، بينما تبقى فرنسا المستورد الأول داخل أوروبا.
ويتميز السردين المغربي، المعروف بـ”البلشارد”، بجودته العالية مقارنة بأنواع السردين الأخرى في العالم.
في ردّه على ارتفاع أسعار السردين، أوضح وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية، أحمد البواري، أن التغيرات المناخية تلعب دوراً حاسماً في تراجع كميات الأسماك السطحية، قائلاً: “حتى الحوت في البحر كايهرب إلا ماكانتش الشتاء”.
وأكدت الوزارة لاحقاً أن ارتفاع درجة حرارة المياه إلى ما بين 21 و23 درجة كان عاملاً رئيسياً في انخفاض كميات السردين، مشيرةً إلى أن ذلك قابله زيادة في أنواع أخرى من الأسماك، مثل الإسقمري والأنشوبة، التي قد تعوض النقص في السردين جزئياً.
في ظل استمرار هذه العوامل، يبدو أن أسعار السردين ستبقى مرتفعة، خاصة مع زيادة الطلب في رمضان. وبينما يأمل المستهلكون في عودة الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية، تبقى الحلول محدودة في غياب استراتيجيات واضحة لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية وارتفاع تكاليف الإنتاج.