شهدت اليوم ندوة رقمية نظّمها معهد مجموعة صندوق الإيداع والتدبير، مناقشات معمّقة حول قانون المالية لعام 2025 وآفاق النمو الاقتصادي. حملت الندوة عنوان “ما هي ملامح سنة 2025؟” وشارك فيها خبراء وصناع قرار لتناول أبرز التحديات والفرص التي تنتظر الاقتصاد الوطني في المستقبل القريب.
أبرز أنس السعيدي، رئيس مصلحة التوقعات المالية بوزارة الاقتصاد والمالية، قدرة المغرب على الصمود أمام الأزمات الاقتصادية بعد جائحة “كوفيد-19”. وذكر أن عجز الميزانية تراجع من 7,6% في عام 2020 إلى 3,5% في عام 2024، مع هدف مماثل لعام 2025، بفضل جهود منسقة على مستوى السياسات المالية.
ورغم استمرار الجفاف وتراجع المحاصيل الزراعية، أشار السعيدي إلى أداء قطاعات أخرى مثل السياحة، التي سجلت نموًا ملحوظًا بنسبة 23% في قيمتها المضافة عام 2023، مع توقعات نمو بنسبة 14,8% لعام 2024. كما سجلت صادرات السيارات والاستثمارات الأجنبية المباشرة زيادات ملحوظة بنسبة 8% و23,5% على التوالي.
رغم المؤشرات الإيجابية، أكد السعيدي وجود تحديات رئيسية تتمثل في تأثير الجفاف المستمر على القطاع الزراعي، الذي يشكل مصدر رزق لثلث السكان، وارتفاع معدل البطالة. وأشار إلى أن تحقيق نمو شامل ومستدام يتطلب تعبئة أكبر خلال عام 2025 لدعم الفئات المتضررة وتعزيز سوق العمل.
من جهته، قال أحمد زهاني، مدير الدراسات الاقتصادية لدى صندوق الإيداع والتدبير كابيتال، إن الاقتصاد المغربي يظهر صمودًا أمام التحديات، رغم تأثيرات الجفاف وتراجع القدرة الشرائية في المناطق القروية. وأوضح أن جهود تحسين المالية العمومية انعكست في تحقيق فائض عادي، مدعومًا بالشراكات بين القطاعين العام والخاص.
زهاني شدد على أن مستوى المديونية، رغم ارتفاعه، يظل تحت السيطرة مقارنة بدول المنطقة، مثل تونس ومصر، حيث تسجل هذه الدول مستويات عجز ودين أكثر خطورة.
مبارك لو، رئيس معهد “إيميرجونس”، أشار إلى أن توقعات النمو الاقتصادي لعام 2025 تتراوح بين 3,2% و3,7% وفق تقديرات المعاهد الوطنية والدولية، مع هدف أقصى لوزارة الاقتصاد والمالية يبلغ 4,7%. وأكد لو أن هذه الأهداف واقعية إذا تم التركيز على تعزيز الاستثمارات ودعم القطاعات الواعدة.
اختتم الخبراء بالتأكيد على أهمية تطوير آليات تمويل مبتكرة، تعزيز التنوع الاقتصادي، ودعم القطاعات الأكثر تأثرًا كالفلاحة. كما دعوا إلى تحسين القدرة الشرائية للأسر القروية، ودعم استقرار سوق العمل لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة تعزز موقع المغرب الاقتصادي إقليميًا ودوليًا.