في عالم كرة القدم، حيث تُقرع الصافرات وتتسارع دقات القلوب على مدرجات الملاعب، يعد التحكيم أحد الأعمدة الأساسية التي تُبنى عليها العدالة والمصداقية داخل المستطيل الأخضر.
لكن، ومع مرور الزمن، يظل التحكيم المغربي في مرحلة من الركود الذي يهدد بإفشال أسس هذه العدالة، وتراجعت سمعة حكامه على الصعيد القاري بشكل لافت للنظر، حتى وصلت إلى مرحلة غيابها الكلي عن منافسات دوري أبطال إفريقيا وكأس الكونفيدرالية في الأدوار الحاسمة.
قبل سنوات قليلة، كان التحكيم المغربي يُعتبر واحدًا من الأسماء اللامعة في القارة السمراء، حيث تمتع حكامه بسمعة قوية وحضور دائم في المحافل الكبرى.
كان الحكم المغربي مرادًا للعدالة والمهنية، ولكن اليوم، أصبحت هذه الصورة محط تساؤل بعد أن استُبعدوا عن مباريات ذهاب ربع النهائي لدوري الأبطال، وتم استدعاء حكام من دول أخرى مثل الصومال وليبيا لتولي هذه المهمة بدلاً منهم.
من الصعب أن نغفل عن الكارثة التي قد تعيشها كرة القدم المغربية مع هذا التراجع الواضح في مستوى التحكيم.
فالأخطاء المتكررة في مباريات محلية ودولية أثرت سلبًا على سمعة الحكام المغاربة، ليبدأ الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف) في إعادة النظر في مصداقية هؤلاء الحكام في إدارة المباريات الحاسمة.
كما أن التأثيرات السلبية لا تقتصر على التحكيم فقط، بل تمتد إلى سمعة الدوري المغربي، الذي يعاني بدوره من تراجع مستمر في مستواه التنافسي على مستوى القارة.
كان التحكيم المغربي في عزِّه يشرف على بعض من أكبر المباريات في إفريقيا، لكنه اليوم يعاني من أزمة ثقة أدت إلى إبعاده عن الساحة. فالمستوى الفني والتدريبي للحكام بدأ يتراجع نتيجةً لتراكم أخطاء غير مبررة خلال السنوات الماضية.
ومع هذه الإخفاقات، أصبح الاتحاد الإفريقي مضطراً للتوجه نحو خيارات أخرى لاستبدال الحكام المغاربة، وهو ما يسلط الضوء على أزمة في القيم التي كان يتحلى بها التحكيم المغربي.
لكن في كل أزمة، هناك فرصة للتغيير والنهوض. إن غياب التحكيم المغربي عن المباريات الكبيرة اليوم قد يكون بمثابة إشارة صحية لأهمية إعادة هيكلة وتطوير هذا القطاع الحيوي.
فإصلاح التحكيم المغربي يتطلب في المقام الأول إعادة بناء الثقة، عبر توفير برامج تدريبية عالية الجودة، إضافة إلى تعزيز الدعم المعنوي والمادي للحكام. لا شك أن الطريق طويل، ولكنه ليس مستحيلاً.
تبقى كرة القدم في جوهرها لعبة مستمرة، والميدان هو الذي يحدد الأبطال.
اليوم، ربما نعيش لحظة حاسمة في تاريخ التحكيم المغربي، حيث يتعين عليه أن ينهض من تحت ركام الإخفاقات ويعيد تأكيد مكانته كأحد الأسماء البارزة على الساحة الإفريقية.