شهدت انطلاقة الموسم الفلاحي 2024/2025 مؤشرات إيجابية أعادت التفاؤل في أوساط الفلاحين، وذلك بفضل التساقطات المطرية التي ساهمت في إنعاش الفرشات المائية وزيادة نسبة ملء السدود. هذه التطورات تُبشر بموسم زراعي واعد، رغم التحديات المستمرة التي تواجه القطاع.
التساقطات المطرية المسجلة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة كانت بمثابة بارقة أمل بعد موسم 2023/2024 الذي شهد انخفاضًا حادًا في المحاصيل الزراعية بنسبة 43%. وأشارت مديرية الدراسات والتوقعات المالية إلى أن متوسط التساقطات بين 1 سبتمبر و6 ديسمبر 2024 بلغ 50 ملم، مقارنة بـ27 ملم في نفس الفترة من العام الماضي.
أما فيما يخص المخزون المائي، فقد ارتفع معدل ملء السدود الرئيسية إلى 28.7% بحلول 18 ديسمبر 2024، بزيادة قدرها 5.2 نقاط عن نفس الفترة في السنة السابقة، مع حجم احتياطي تجاوز 4.8 مليار متر مكعب.
زكرياء عباس، أستاذ باحث بالجامعة الأورومتوسطية بفاس، أكد في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن هذه التساقطات تمثل بداية مبشرة، مشيرًا إلى دورها في ترطيب التربة وإعادة تعبئة الفرشات المائية. لكنه حذر من أن الانتعاش الزراعي يظل مرهونًا بانتظام الأمطار في الأشهر المقبلة وفعالية أنظمة الري.
في إطار استراتيجية “الجيل الأخضر 2020/2030″، أطلقت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات إجراءات لدعم الحملة الزراعية الجديدة. تشمل هذه الإجراءات توزيع البذور المعتمدة بأسعار مخفضة، تقديم إعانات للأسمدة، وإطلاق برنامج ري طموح يغطي 700 ألف هكتار.
وأشار عباس إلى أهمية هذه الإعانات في تخفيف الأعباء المالية عن الفلاحين، لكنه أكد على ضرورة تسهيل الوصول إلى القروض الفلاحية وتطوير البنية التحتية، خاصة في المناطق الجافة مثل درعة تافيلالت.
ورغم التحديات المناخية، يظل القطاع الفلاحي ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني. فقد شهدت صادرات القطاع الفلاحي والصناعات الغذائية نموًا بنسبة 22% خلال الشهر الأول من الربع الأخير لعام 2024، مما يعكس أداءً إيجابيًا مقارنة بانخفاض بنسبة 0.6% في العام السابق.
ومع الدعم الحكومي والإجراءات الموجهة، من المتوقع أن تساهم محاصيل الخضروات والحبوب والبقوليات في استقرار الأسعار المحلية وتعزيز الأمن الغذائي.
ويدعو الخبراء إلى توخي الحذر أمام التقلبات المناخية، مع التركيز على استغلال التكنولوجيا الحديثة مثل الاستشعار عن بعد لتحسين نظم الري ومساعدة صغار الفلاحين. هذه الحلول تُعتبر ضرورية لتعزيز مرونة القطاع وضمان استدامة الإنتاج الزراعي في السنوات المقبلة.
ورغم التحديات المناخية والمخاطر المرتبطة بالجفاف، تشكل التساقطات المطرية الأخيرة والأرقام الواعدة للمخزون المائي بداية مشجعة للموسم الفلاحي. ويبقى نجاح هذا الموسم رهينًا باستمرار الدعم الحكومي والاعتماد على الابتكار لتجاوز العقبات المناخية وتحقيق التنمية المستدامة في القطاع.