هاجم نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، ما أسماه “التأخر الحكومي في إعلان مصير الحجر الصحي”، مطالبا بضرورة التعامل مع الشعب المغربي على أنه ناضج وبإمكانه أن يلتزم، وإذا خرجنا تدريجيا نعرف ماذا نفعل من إجراءات ، والإعلان عن الإجراءات المرتبطة بالخروج من الحجر الصحي أمام البرلمان.
وانتقذ بنعبد الله، غياب الحكومة وتهميشها للبرلمان في اشراكها في قرارات الحجر، أو تواصل مع الرأي العام، مشددا أن هذا يضعف دور الحكومة ويضرب الثقة المكتسبة في مواجهة الأزمة.
وانتقد بنعبد الله ما أسماهم “بالعباقرة” الذين ينادون بحكومة وحدة وطنية ، وأبرز بنعبد الله أنه من الجيد أن تكون عندنا كفاءات في الحكومة، و”تكنوقراط ” قادر على جلب خبرة معينة، ولكن يتعين أن تكون مشاركتهم مؤطرة بتصور سياسي شامل، ودعا إلى الكف عن الخطاب الذي يروج أن الأحزاب ليس لها ما تقدمه، واصفا الدعوات إلى حكومة إنقاذ بأنها محاولات لتجميد الدستور.
وركزت مقترحات حزب التقدم والاشتراكية لخطة إنعاش الاقتصاد الوطني لمرحلة ما بعد جائحة كورونا، على ثلاثة محاور تهم بلورة مخطط اقتصادي للإنعاش، والقضاء على الهشاشة والفقر وإعمال العدالة الاجتماعية، وتعميق المسار الديمقراطي والبناء المؤسساتي.
وقدم حزب التقدم والاشتراكية مقترحاته، تحت عنوان “التعاقد السياسي الجديد”، مؤكدا أنها تتأسس على قناعة راسخة مفادها ضرورة وضع الإنسان في قلب العملية التنموية، وإعادة ترتيب أولويات السياسات العمومية الوطنية، واضطلاع الدولة بأدوار جديدة على مستوى التوجيه والضبط والتدخل المباشر في مجال توفير خدمات اجتماعية أساسية جيدة وضمان الولوج إليها، وفي الأنشطة الإنتاجية ذات الطابع الحيوي والاستراتيجي.
وتروم هذه المقترحات، التي قدمها الأمين العام للحزب، نبيل بنعبد الله، بناء تعاقد سياسي جديد، وتشمل، بشكل متلازم، الجوانب الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والثقافية والسياسية، كما تتضمن ما هو آني وقابل للإنجاز فورا، وما يهم المدى المتوسط، وذلك في أفق أجرأة النموذج التنموي الجديد.
وعرض الحزب، مقترحات إجرائية من شأنها أن تساعد البلاد مرحليا وآنيا على التخطي السليم والناجع للفترة التي تعقب مباشرة رفع الحجر الصحي، واقتراحات مواكبة للخروج من وضعية الحجر الصحي، تهم بلورة خطة للدعم والإنعاش الاقتصادي والقطاعي عبر منهجية تشاركية، وتنفيذ إجراءات اجتماعية وصحية مستعجلة لفائدة الأجراء والفلاحين الصغار.
وينبني مقترح بلورة مخطط اقتصادي للإنعاش، بالأساس، على الارتكاز على دور الدولة، من خلال بلورة مخطط استراتيجي مندمج يأخذ بعين الاعتبار الأولويات الجديدة، ويرفق ببرامج عملياتية مضبوطة، وينطلق من التموقع الجديد لسلاسل الإنتاج والتزويد على الصعيد العالمي.
ويتمثل الارتكاز على دور الدولة، حسب وثيقة الحزب، في إرساء أنظمة لتوجيه الإنتاج والاستهلاك، ولمراقبة وضبط وتقنين المنافسة والأسعار والجودة، ولحماية المستهل ك والم نت ج الوطني، فضلا عن الاعتماد على الاستثمار العمومي لدعم مخططات اقتصادية وصناعية تنموية كبرى وقطاعات حيوية اقتصادية واجتماعية، وتعزيز البنيات التحتية والأوراش الكبرى، وتقوية الطلب العمومي.
وأكدت الوثيقة، على أهمية تعزيز دور الدولة كطرف ضامن للمقاولة الوطنية في علاقة هذه الأخيرة بقطاع التمويل، وفتح المجال لميكانيزمات جديدة أكثر مرونة وتناسبا مع مقتضيات تمويل الاستثمار المبتكر.
و اقترح الحزب اعتماد مقاربات مالية وميزانياتية متجددة، عبر اعتماد عجز ميزانياتي استثنائي لمواجهة الوضعية الاستثنائية الحالية، وإعمال مرونة أكبر في التعامل مع مبدأ صرامة الميزانية، لمدة سنتين على الأقل، والسماح بتمويل احتياجات الميزانية المبررة بالاستثمار العمومي في القطاعات ذات الأولوية أو بإنقاذ مناصب الشغل أو بإنعاش الآلة الإنتاجية.
و دعت الهيئة السياسية إلى مباشرة إصلاح جبائي منصف وإخراج قانون إطار للضريبة، من خلال حذف نظام الإعفاءات الضريبية، بعد خمس سنوات من تأسيس المقاولة، سوى بالنسبة لما يتعلق بالأنشطة الاجتماعية، أو التي تكتسي طابع المنفعة العامة، أو بالنسبة للمقاولات غير المستفيدة من احتكار قانوني أو فعلي والتي تسجل زيادات م حددة في رسملتها الذاتية، بالإضافة إلى تخفيض الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للمواد والخدمات الحيوية، ورفعها بالنسبة للمواد الكمالية، وخاصة منها المستوردة إلى 40 في المئة.
ومن أجل دعم وتمويل المقاولة الوطنية والحفاظ على مناصب الشغل في إطار ميثاق اجتماعي، اقترحت الوثيقة بلورة ميثاق اجتماعي تلتزم فيه المقاولة بالمسؤولية الاجتماعية في الحفاظ على مناصب الشغل وإقرار الحقوق الاجتماعية للشغيلة ومحاربة هشاشة الشغل، وتتعهد فيه الدولة بدعم وتمويل المقاولة وتحسين مناخ الأعمال، بما يتيح شروط سلم اجتماعي بمشاركة فاعلة للنقابات العمالية.
واقترحت أيضا إعادة توجيه القطاع البنكي نحو دعم وإنشاء مقاولات صغرى ومتوسطة في القطاعات المنتجة للثروة ولمناصب الشغل، مع تفعيل ضمانات الدولة، وإقرار تدابير ضريبية تحفيزية لفائدة المقاولة الوطنية التي توفر نسبة إدماج مرتفعة، والتي تساهم في الابتكار وتحسين الإنتاجية، وتحافظ على البيئة.
ويرتكز التعاقد السياسي الجديد، الذي يتطلع إليه حزب التقدم والاشتراكية، على الاعتماد على الإنتاج الوطني وتفضيله، عبر حماية المنتوج الوطني، وحفز وتشجيع الطلب الداخلي، علاوة على تخفيض نسبة 50 في المئة من حقوق التسجيل على المعاملات العقارية خلال فترة انتقالية تمتد إلى نهاية سنة 2020، وتشجيع إعادة انطلاق سوق الإنعاش العقاري وقطاع البناء، وكذا إطلاق حملة وطنية واسعة لتشجيع استهلاك المنتوجات المغربية.
ويتأسس “التعاقد السياسي الجديد” للحزب، على الحد من الاستيراد المفرط وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجالي التصنيع والفلاحة، باعتماد تطوير صناعي وطني متوازن، يتأسس على دعم قوي للصناعات المعدنية والميكانيكية والإلكتروميكانيكية، في إطار سياسة “ننتج مغربي ونستهلك مغربي”، بغية إحداث مناصب الشغل والحفاظ على الاحتياطي الوطني من العملة الصعبة.