بين شواطئ المتوسط وتقاطعات الجغرافيا السياسية، حلّ البرلمان المغربي ضيفًا وفاعلاً في واحدة من أبرز المحطات البرلمانية الإقليمية، حيث يشارك رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، بصفته نائب رئيس الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، في القمة التاسعة لرؤساء البرلمانات والجلسة العامة الثامنة عشرة، المنعقدتين يومي 26 و27 يونيو الجاري بمدينة مالقة الإسبانية.
هذه القمة، التي تنعقد في ظل الرئاسة الإسبانية للجمعية، تستقطب نخبة من رؤساء ونواب رؤساء المؤسسات التشريعية لـ27 دولة من الاتحاد الأوروبي، إلى جانب البرلمان الأوروبي، ودول البلقان مثل ألبانيا والبوسنة والهرسك ومونتينيغرو وموناكو، إضافة إلى ممثلي البرلمانات الوطنية من الضفة الجنوبية، حيث يحضر المغرب كعنصر وازن وشريك دائم في البناء المتوسطي المشترك.
الجلسة العامة التي افتتحت أشغالها اليوم الخميس، شهدت مشاركة كثيفة بلغت حوالي 280 نائباً يمثلون مختلف غرف البرلمانات الوطنية، وافتتحتها رئيسة مجلس النواب الإسباني، فرانسينا أرمانغول، مشيدةً بدينامية الجمعية وتراكماتها خلال سنة من العمل المشترك.
خلال هذه الدورة، تم عرض توصيات اللجان الخمس الدائمة للجمعية، التي اشتغلت على ملفات استراتيجية مثل الهجرة، الأمن، البيئة، والثقافة، في سياق إقليمي متقلب تتشابك فيه تحديات التنمية بالتوترات الجيوسياسية. ومن المرتقب أن تُختم القمة بتسليم رئاسة الجمعية البرلمانية من إسبانيا إلى مصر، التي ستقود أشغال الجمعية خلال فترة 2025-2026.
أما الوفد المغربي، فقد ضم إلى جانب الطالبي العلمي، كل من عبد القادر سلامة، النائب الأول لرئيس مجلس المستشارين، ومحمد جودار، النائب الخامس لرئيس مجلس النواب، إضافة إلى محمد زيدوح، رئيس لجنة جودة الحياة والتبادل الثقافي بالجمعية، إلى جانب أعضاء من الشعبة الوطنية المغربية بمجلسي البرلمان.
تجدر الإشارة إلى أن الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط تشكل فضاء فريداً للحوار البرلماني والتعاون السياسي بين ضفتي المتوسط، وتضم 43 بلداً، مما يجعلها مختبراً حقيقياً لبلورة حلول جماعية لقضايا مشتركة، يتقاطع فيها المحلي بالإقليمي والدبلوماسي بالتشريعي.
في مالقة، لم يكن الحضور المغربي مجرد مشاركة شكلية، بل هو تأكيد على أن البرلمان المغربي، كما الدبلوماسية الوطنية، يسعى إلى ترسيخ مكانة المملكة كفاعل ملتزم في قضايا المنطقة، حريص على أن يكون البحر الأبيض المتوسط فضاءً للتلاقي لا التنازع، وللتعاون لا التصادم.