في عمق الجنوب الشرقي للمملكة، حيث تمتد واحة تافيلالت كقصيدة خضراء وسط رمال الزمن، يعيش النخيل هذه الأيام أسوأ حالاته، بعدما خانته السماء وجفّت عروقه تحت وطأة سنوات الجفاف المتراكمة.
العيون في الرشيدية وأرفود وزيز لم تعد تلمع ببريق “المجهول” كما جرت العادة، بل تنظر بقلق نحو عنقودٍ بات مهدداً. الموسم الحالي يسجل تراجعاً مهولاً في إنتاج التمور، إلى درجة أن بعض الفلاحين يتحدثون عن “نصف محصول”، فيما لم تخفِ الأسر تخوفها من ارتفاع مرتقب في أسعار هذه الفاكهة الرمضانية بامتياز.
الفرشة المائية التي كانت تمدّ النخيل بالحياة أصبحت تئنّ، والعيون التقليدية تجفّ واحدة تلو الأخرى. “واش لي بْقا كايكفّي حتى لْشْرْب؟” يتساءل أحد فلاحي المنطقة بنبرة حزينة، وهو يشير إلى ساقية خاوية.
الضرر لم يكن فقط في الكم، بل امتد إلى الجودة أيضاً. “التمر ما عْطاش حلاوتو هاد العام”، تقول سيدة من المنطقة وهي تقلب التمور في كفّيها، “الشجرة عيانة، واللي فيها باين عليها”.
وسط هذا المشهد القاتم، تعالت أصوات الفلاحين مطالبةً بتدخل مستعجل من الجهات الوصية. ليس فقط بدعم مباشر، بل بخطة مستدامة لإنقاذ واحات المغرب من شبح التصحر والجفاف المتزايد.
“التمر ماشي غير فاكهة، راه حياة هنا”، يقول أحد النخّالين بحزم، “إلى ماتت النخلة، راه ماتت الواحة كلها”.
الموسم الرمضاني المقبل يقترب، ومعه سؤال كبير: هل ستظل تمور تافيلالت زينة المائدة المغربية، أم ستحضر هذا العام كغائب حاضر بثمنٍ يفوق القدرة والاحتمال؟