احتضنت العاصمة المغربية الرباط، يومي الجمعة والسبت، ندوة دولية حول العدالة الانتقالية، التي جمعَت نخبة من الخبراء الحقوقيين والأكاديميين من مختلف أنحاء العالم، في إطار الاحتفال بمرور عشرين عامًا على تأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة.
الندوة التي أُقيمت تحت شعار “مسارات العدالة الانتقالية من أجل إصلاحات مستدامة”، شهدت حضور شخصيات بارزة ونقاشات معمقة حول التجربة المغربية في هذا المجال، بالإضافة إلى التحديات والفرص التي تطرحها العدالة الانتقالية في السياقات العالمية.
وفي تصريح صحافي للنهار المغربية، أعربت أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عن اعتزازها العميق بالمسار الذي سلكه المغرب في مجال العدالة الانتقالية، مشيدة بالتقدم المحرز في جبر الأضرار وتعزيز حقوق الإنسان على الصعيدين الوطني والدولي.
وأكدت بوعياش أن المغرب قد تمكن من أن يصبح نموذجاً يحتذى به في المنطقة، بفضل إرادة سياسية قوية تمثلت في إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة، التي أُسِّست لمعالجة الانتهاكات الحقوقية السابقة والعمل على تحقيق المصالحة الوطنية.
وفي هذا السياق، أبرزت بوعياش أن الإصلاحات الدستورية التي تضمنها دستور 2011 كانت حجر الزاوية في تعزيز العدالة الانتقالية بالمغرب، حيث أرسى هذا الدستور العديد من المبادئ التي تدعم دولة القانون وتحترم حقوق الأفراد، لاسيما فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية.
وتطرقت إلى التعديلات التي عززت استقلالية القضاء وضمنت حماية الحريات الأساسية، ما جعل النظام القضائي في المغرب أكثر قدرة على الاستجابة لتطلعات المواطنين وحماية حقوقهم من أي انتهاك محتمل.
وخلصت بوعياش إلى أن المغرب، عبر مسار إصلاحي شامل ومؤسسات فاعلة، سيظل على الدوام ركيزة قوية في تعزيز العدالة الانتقالية، ويعد من الدول الرائدة في المنطقة في هذا المجال، مشيرة إلى أن تفعيل هذه الإصلاحات يعكس التزاماً قوياً نحو بناء مجتمع منسجم ومتقدم ينعم بالاستقرار والمصالحة الحقيقية.
واختُتمت فعاليات الندوة بتقديم مؤلف جماعي حول العدالة الانتقالية، أشرف على تقديمه محمد السعدي، بمشاركة أمينة لمريني، عضوة سابقة بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وتيري سافاج، مستشار سابق لسياسات جبر الأضرار، وعبد العزيز الطاهري، أستاذ جامعي.
وجاءت هذه الندوة لتعكس مكانة المغرب كنموذج رائد في مجال العدالة الانتقالية، ولتؤكد أهمية التعاون الدولي في تعزيز الإصلاحات الحقوقية والمؤسساتية على المستويين الإقليمي والدولي.