مرة أخرى، تسقط اللجنة التقنية التابعة للاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف) في فخ الارتجال والعشوائية، لتُكرس صورتها المهزوزة أمام متابعي كرة القدم الإفريقية. حفل جوائز 2024، الذي كان مسرحه مدينة مراكش، لم يخلُ من صدمةٍ مدويةٍ، أثارت الاستغراب والغضب على حدٍّ سواء.
في وقت كان العالم ينتظر تتويج النجم المغربي أشرف حكيمي بجائزة أفضل لاعب في إفريقيا بفضل موسمه الاستثنائي مع نادي باريس سان جيرمان والمنتخب المغربي، تُفاجئنا اللجنة -بتواطؤ مع شركة تدقيق مختصة كما ادَّعى رئيس الكاف باتريس موتسيبي- باختيار النيجيري لقمان، مهاجم نادي أتلانتا الإيطالي، للفوز بالجائزة. اختيار يُثير التساؤل: ما هي المعايير التي استندت إليها هذه اللجنة؟ وهل باتت الاعتبارات الفنية مجرد تفاصيل هامشية أمام حسابات ضيقة وغير معلنة؟
الواقعة تعيد للأذهان سيناريو السنة الماضية، حين حُرم الحارس المغربي ياسين بونو، الذي صنع مجد إشبيلية الإسباني وقادها للفوز بالدوري الأوروبي، من الكرة الذهبية لصالح فيكتور أوسيمين، مهاجم نيجيريا. واليوم يتكرر المشهد، لكن هذه المرة ضد أشرف حكيمي، الذي لا تكاد تخلو تشكيلة عالمية أو إفريقية من اسمه، وهو اللاعب الذي تُوِّج ببطولة فرنسا وكأس فرنسا، بالإضافة إلى فوزه بالميدالية البرونزية مع المنتخب المغربي في أولمبياد فرنسا.
في المقابل، ماذا حقق لقمان؟ مهاجم عادي لم يتوج بأي ألقاب بارزة لا مع ناديه ولا مع منتخب بلاده. حتى سفيان رحيمي، نجم الرجاء السابق، أو أيوب الكعبي، الذي أبدع في الكونفرنس ليغ الأوروبية، قدَّما أرقامًا وإنجازات أكبر مما حققه “نجم” الكاف المزعوم. ولا ننسى إبراهيم دياز، الأسد المغربي المتوج بلقب دوري أبطال أوروبا وبطولة الليغا مع ريال مدريد. أين هو المنطق إذًا؟
إن السؤال الأبرز في هذا الجدل، هو ما المعايير التي تُبنى عليها اختيارات اللجنة التقنية للكاف؟ وهل باتت هذه الجوائز مجرد فرصة لترضية أطراف معينة أو مجاملة اتحادات بعينها؟ غياب الشفافية وتكرار الظلم يضع الاتحاد الإفريقي تحت مجهر الشك.
إن المغرب، الذي فتح ذراعيه لاستضافة هذا الحدث، بملاعبه العالمية وإمكاناته اللوجستية، قدَّم للكاف صورة مثالية عن إفريقيا المتقدمة والمتطلعة إلى المستقبل. لكن يبدو أن الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم ترفض اللحاق بركب هذا التطور، وتُفضّل الغرق في وحل العشوائية والقرارات العبثية.
بات على الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أن تعيد النظر في استضافة هذه التظاهرات الإفريقية الكبرى، ما دامت الكاف تُصر على عدم احترام نفسها أولًا، وعدم احترام المغرب ثانيًا. لا يمكن أن نستمر في تقديم صورة مشرقة لإفريقيا، بينما تُغتال المصداقية والعدالة الكروية في وضح النهار.
في النهاية، تظل مقولة “حلاوة إفريقيا في عشوائيتها” صحيحة للأسف، لكنها لم تعد تُضحك أحدًا، بل باتت تُبكي كل عاشق للكرة الإفريقية، الذي يرى كيف تُسرق الإنجازات، وتُهدَر الجهود، ويُدفن المستحقون تحت ركام اللامبالاة والقرارات الجوفاء.
فمتى تُصحح الكاف مسارها؟ ومتى تُنصف أسود الأطلس الذين شرفوا القارة في المحافل العالمية؟