في واقعة تُشبه المشاهد السينمائية أكثر مما توحي به الأخبار الروتينية، اخترقت مروحية عسكرية إيطالية من طراز Leonardo AW139 أجواء منطقة غابة الأسود بضواحي وهران، صباح أمس الإثنين، قادمة من مدينة ألميريا الإسبانية، دون أي إعلان مسبق، ما جعل الحادثة تتصدر اهتمامات المتابعين للشأن الأمني في غرب البحر الأبيض المتوسط.
المروحية، التي تتبع قوات Guardia di Finanza المعروفة بتخصصها في مكافحة التهريب والجريمة المنظمة، حلّقت فوق الأراضي الجزائرية بشكل وصفه كثيرون بـ”غير المألوف”، خاصة وأن إشارتها اختفت بشكل مفاجئ من تطبيقات تتبع حركة الطيران، ما زاد من ضبابية الحدث وأطلق العنان لسيل من التكهنات.
اللافت في هذه الواقعة هو الصمت المطبق من الجانبين: لا الجزائر أصدرت بلاغًا توضيحيًا، ولا روما علّقت على الواقعة، الأمر الذي فتح الباب واسعًا أمام تحليلات تراوحت بين من يرى في الأمر مهمة استخباراتية دقيقة، ربما تتعلق برصد أنشطة تهريب أو هجرة غير نظامية، وبين من يقرأ في هذا التحليق إشارات إلى توتر مكتوم في العلاقات بين ضفتي المتوسط.
وبينما لم يُعرف بعد ما إذا كان الدخول الإيطالي إلى المجال الجوي الجزائري تم بتنسيق مسبق أم لا، فإن استخدام مروحية من طراز AW139 – المعروفة بقدراتها العالية في الرصد الليلي والتتبع – يوحي بأن الأمر يتجاوز مجرد دورية روتينية. هذه المروحية ليست مجرد وسيلة نقل، بل منصة استطلاع جوية متقدمة تُستخدم عادة في المهام الأمنية المعقّدة وعبر الحدود.
في ظل غياب الرواية الرسمية، تزداد الأسئلة وتقلّ الأجوبة، لتُضاف هذه الواقعة إلى سلسلة من التحركات الأمنية الغامضة في غرب المتوسط، في منطقة تزداد فيها رهانات الجغرافيا والسيادة والأمن المشترك. وما لم تُكسر حلقة الصمت، فإن الحادث قد يتحول إلى فصل جديد من التوترات الصامتة بين الجزائر وبعض شركائها الأوروبيين.