تستعد الولايات المتحدة الأمريكية اليوم لتنصيب دونالد ترامب رئيساً للمرة الثانية، في مراسم تقام داخل مبنى الكابيتول بسبب موجة الصقيع الشديدة التي تجتاح العاصمة واشنطن.
الحدث يأتي وسط ظروف استثنائية، أبرزها وفاة الرئيس الأسبق جيمي كارتر، التي ألقت بظلالها على المشهد، مع أمر الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن بتنكيس الأعلام حداداً عليه، ما أثار استياء ترامب.
تقاليد عريقة تحت سقف الكابيتول
ينص التعديل العشرون من الدستور الأمريكي على انتهاء ولاية الرئيس عند ظهر يوم 20 يناير، ليُؤدي خلفه اليمين الدستورية. ورغم أن الدستور يشترط القسم فقط، فإن التقاليد الأمريكية تضفي على المراسم طابعاً مميزاً.
بدأت الفعاليات بصلاة ترامب ونائبه المنتخب جي دي فانس في كنيسة سان جون التاريخية، قبل أن يتوجها إلى البيت الأبيض لتناول الشاي، كما جرت العادة. لاحقاً، سيؤدي ترامب القسم أمام رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، تحت سقف منكّس الأعلام حداداً، وسط حضور محدود يضم كبار الشخصيات والمسؤولين المحليين والدوليين، إضافة إلى عائلته.
وبعد أداء القسم، ينطلق موكب رسمي من الكابيتول على طول شارع بنسلفانيا نحو البيت الأبيض، في عرض محدود فرضته الظروف المناخية.
مراسم بتكلفة قياسية
تترافق مراسم التنصيب مع احتفالات تجاوزت تكلفتها 170 مليون دولار، وتشمل عروضاً للألعاب النارية وحضوراً لشخصيات بارزة من قطاعات الأعمال والتكنولوجيا ونجوم الإعلام المحافظ. كما يُنتظر توافد آلاف من أنصار ترامب للمشاركة في الحدث، ما يعكس استمرار شعبيته بين قواعده الانتخابية.
رؤية ترامب للفترة المقبلة
وفي خطاب ألقاه عشية التنصيب، تعهد ترامب بالعمل بسرعة غير مسبوقة لمعالجة التحديات التي تواجه البلاد. وأكد عزمه على إصدار أوامر تنفيذية خلال أيامه الأولى، مشيراً إلى أن إدارته ستتبنى قرارات حاسمة لحل المشكلات. ويهدف ترامب من خلال هذا الخطاب إلى طي صفحة الانتقادات التي لاحقت حفل تنصيبه الأول عام 2017، لا سيما الجدل حول أعداد الحضور مقارنةً بتنصيب سلفه باراك أوباما.
الرئيس في قلب النظام الرئاسي
يُعد النظام الرئاسي الأمريكي نموذجاً فريداً يقوم على الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. ويتمتع الرئيس بصلاحيات واسعة تشمل تنفيذ القوانين الفيدرالية، التعيينات الإدارية، وإدارة السياسة الخارجية. كما يضطلع بدور القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث يتخذ القرارات العسكرية الطارئة التي تساهم في حماية الأمن القومي.
وعلى الرغم من هذه الصلاحيات، فإن النظام الأمريكي يضمن توازناً بين السلطات، إذ لا يمكن للكونغرس عزل الرئيس إلا في حالات محددة تتعلق بالمساءلة الدستورية، كما لا يستطيع الرئيس حل الكونغرس أو التدخل في أعماله التشريعية.
من الاتحاد التعاهدي إلى الفيدرالي
شهدت الولايات المتحدة ثلاث مراحل رئيسية في تطورها الدستوري، بدأت بإعلان الاستقلال عام 1776، ثم مرحلة الاتحاد التعاهدي بين 1777 و1787، التي أثبتت ضعفها، ما أدى إلى اعتماد دستور عام 1787 الذي أسس لنظام اتحادي يجمع بين استقلال الولايات وقوة المركز.
تحديات وتطلعات
تأتي ولاية ترامب الثانية وسط تحديات كبرى، منها الانقسام السياسي، والضغوط الاقتصادية، والتغيرات المناخية. ومع ذلك، يرى مراقبون أن ترامب يهدف إلى استثمار شعبيته بين أنصاره لتعزيز مكانته داخلياً وخارجياً.
بينما يترقب الأمريكيون ما ستقدمه إدارة ترامب الجديدة، يبقى السؤال مفتوحاً حول قدرتها على تجاوز الانقسامات وتحقيق تطلعات شعبها في ظل نظام رئاسي قوي يضمن الاستقرار والتوازن بين السلطات.