شهدت منطقة الشرق الأوسط، خلال الساعات الأخيرة، تصعيداً خطيراً في المواجهة بين إيران وإسرائيل، مع تبادل الضربات الصاروخية بين الطرفين، وسط مخاوف متزايدة من انزلاق الوضع نحو مواجهة أوسع ذات أبعاد إقليمية.
ففي وقت متأخر من ليل الأحد – الإثنين، أطلقت إيران سلسلة من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة باتجاه الأراضي الإسرائيلية، رداً على غارات إسرائيلية استهدفت مواقع داخل العمق الإيراني، غالبيتها عسكرية، في تصعيد غير مسبوق منذ سنوات من المواجهات غير المباشرة بين الطرفين.
وأظهرت صور بثتها وكالات أنباء، من بينها وكالة «فرانس برس»، دماراً واسعاً في مبانٍ سكنية بمدينة تل أبيب، كما اندلعت حرائق قرب مدينة حيفا الساحلية، في الوقت الذي دوت فيه صافرات الإنذار في مناطق متفرقة، لا سيما في القدس، حيث أُفيد بسماع دوي انفجارات متكررة.
وأعلنت خدمات الطوارئ الإسرائيلية عن سقوط خمسة قتلى و92 جريحاً جراء الهجمات الإيرانية، مشيرة إلى أن الضحايا سقطوا في عدة مواقع بوسط إسرائيل. وذكرت منظمة «نجمة داود الحمراء» أن من بين القتلى أربع نساء ورجلاً، معظمهم في السبعين من العمر، فيما وُصفت إصابات عدد من الجرحى بأنها خطيرة.
في المقابل، أفادت السلطات الإيرانية بأن الغارات الإسرائيلية التي استهدفت طهران أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص، وإصابة عشرات آخرين، من بينهم نساء وأطفال، وذلك في أحدث حصيلة للهجمات التي انطلقت منذ الجمعة الماضية.
وقالت وزارة الصحة الإيرانية إن الهجمات الإسرائيلية، منذ اندلاع المواجهة، أدت إلى مقتل 224 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 1200 آخرين.
وفي رد عسكري، أعلن الحرس الثوري الإيراني، الاثنين، أنه أطلق «موجة جديدة من الهجمات الصاروخية» استهدفت «مواقع حيوية في الأراضي المحتلة»، متوعداً بالمزيد من الضربات «الدقيقة والأشد تدميراً».
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي تنفيذ غارات على مواقع تابعة لـ«فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني داخل طهران، فيما توعد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بأن «سكان طهران سيدفعون الثمن».
أما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فقد وصف الهجمات الإيرانية بأنها «جريمة مروعة تستهدف المدنيين»، متوعداً إيران بـ«ثمن باهظ جداً».
وأمام التصعيد المتبادل، دعت عدة أطراف دولية إلى التهدئة، إلا أن تبادل التهديدات بين طهران وتل أبيب لا يزال مستمراً. وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، العقيد رضا صياد، إن «رد إيران لن يقتصر على مواقع محدودة، بل سيشمل جميع أنحاء الأراضي المحتلة».
وفي الداخل الإيراني، دعا الرئيس مسعود بزشكيان، في خطاب ألقاه أمام مجلس الشورى، إلى «الوحدة والتماسك في مواجهة هذا العدوان»، مطالباً بوضع الخلافات السياسية جانباً.
وبالرغم من موجة النزوح الجزئي من العاصمة طهران، عبّر بعض السكان عن تمسكهم بالبقاء. وقالت شابة إيرانية لوكالة «فرانس برس»: «قد تكون الحرب قاسية، لكننا لن نغادر مدينتنا».
على الصعيد الدولي، نفى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أي ضلوع لبلاده في الهجمات الإسرائيلية على إيران، لكنه لوّح بأن «إيران ستواجه القوة الكاملة للجيش الأميركي إذا هاجمت مصالح أميركية». وفي الوقت ذاته، أبدى شكوكه حيال إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام بين الطرفين، قائلاً: «ربما عليهما أن يخوضا القتال قبل أن يتفقا».
في سياق متصل، قال مسؤول أميركي إن واشنطن عارضت خطة إسرائيلية لاغتيال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، مشيراً إلى أن إدارة ترمب حذّرت تل أبيب من الإقدام على مثل هذه الخطوة.
كما أعلنت طهران عن إلغاء محادثات نووية غير مباشرة مع واشنطن كانت مقررة في العاصمة العُمانية مسقط، محملة إسرائيل مسؤولية إفشالها.
وفي تطور أمني متصل، أعلنت السلطات الإيرانية، الاثنين، تنفيذ حكم الإعدام بحق شخص أُدين بالتجسس لصالح جهاز الموساد الإسرائيلي، فيما اعتقلت الشرطة شخصين آخرين يُشتبه بتعاونهما مع نفس الجهاز.
من جانبها، أعلنت الشرطة الإسرائيلية اعتقال مواطنين اثنين بتهمة التخابر مع إيران، في عملية نُفذت بالتعاون مع جهاز الأمن الداخلي (الشاباك).
ويُخشى أن تؤدي موجة التصعيد الراهنة إلى تفجير الوضع في المنطقة، في ظل استمرار العمليات العسكرية المتبادلة، وتضاؤل فرص الوساطات السياسية في الوقت الراهن.