أبرز تقرير حديث صادر عن المنتدى المغربي للصحافيين الشباب فجوة عميقة في العلاقة بين الجسم المهني والمجلس الوطني للصحافة، حيث كشف أن غالبية الصحافيين المستجوبين يرون أن المجلس لا يمثّل مصالحهم بشكل فعّال، ولا يواكب تحديات المهنة بالشكل المطلوب.
التقرير، الذي حمل عنوان “التنظيم الذاتي بين رهان تعزيز حرية الصحافة وتحدي النهوض بأخلاقيات المهنة”، اعتمد على استبيان شمل 51 صحافياً وصحافية من مختلف أنحاء المملكة ومن مؤسسات إعلامية متنوعة، توزعوا بين الصحافة المكتوبة والمرئية والمسموعة والمنصات الرقمية.
تقييم سلبي لتمثيلية المجلس
أشار التقرير إلى أن 51% من الصحافيين منحوا المجلس أدنى درجة (1) من حيث تمثيل مصالحهم المهنية، فيما أعطى 25% درجة (2)، و15% درجة (3). في المقابل، لم تتجاوز نسبة من اعتبروا تمثيل المجلس جيدًا أو ممتازًا (درجتي 4 و5) حدود 7%. وهي أرقام تعكس، بحسب المنتدى، أزمة ثقة بنيوية مرتبطة بمسار تشكّل المجلس وآليات عمله.
فعالية محدودة في ضبط الأخلاقيات
وفيما يخص الجانب التأديبي والأخلاقي، أظهرت نتائج الاستبيان أن 74% من المستجوبين يرون أن آليات المجلس لحماية أخلاقيات المهنة غير فعالة أو ضعيفة الفعالية، مقابل 23% فقط يعتقدون أنها متوسطة الفعالية. وعبّر المشاركون عن إحباط من غياب الشفافية والتقارير الدورية حول معالجة الشكاوى والانتهاكات، معتبرين أن المجلس لا يضطلع بشكل ملموس بدوره في تأطير المهنة.
ميل واسع نحو تنظيم ذاتي مستقل
وفي نقاش مستقبل التنظيم الذاتي، فضّل 58% من الصحافيين نموذجًا مستقلًا بالكامل دون تدخل الحكومة، في حين أيّد 27% استمرار النموذج المشترك، و13% فقط دعموا تنظيمًا يتم من خلال مؤسسات الدولة. كما عبّر 71% عن تفضيلهم للانتخابات المباشرة كآلية لاختيار ممثليهم، وهي نسبة تعكس الرغبة في تمثيل ديمقراطي وشفاف.
دعوات لإصلاح شامل
أما على مستوى هيكلة المجلس، فقد طالب 88% من المشاركين بإعادة هيكلة المجلس وتوسيع قاعدة التمثيل داخله، مع مراجعة الإطار القانوني، وتطوير آليات الشفافية والمساءلة، بما يواكب تطلعات الصحافيين ويعزز مصداقية التنظيم الذاتي.
كما أشار 51% إلى أن الاستقلالية المنشودة للمجلس لن تتحقق دون مراجعة إطاره القانوني والتشريعي، بينما دعا 31% إلى تنظيم انتخابات عامة مباشرة لضمان شرعية تمثيل أعضائه.
حرية الصحافة: دور محدود للمجلس
وفي ما يتعلق بحرية الصحافة، عبّر أكثر من نصف المستجوبين (51%) عن اقتناعهم بأن المجلس لا يسهم بالشكل الكافي في تعزيزها، فيما وصف 80% دور المجلس في هذا المجال بالضعيف أو المحدود.
ويعكس هذا التقرير، في مجمله، وجود فجوة متزايدة بين تطلعات الجسم المهني والأداء المؤسساتي للمجلس الوطني للصحافة، كما يسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى إصلاح هيكلي عميق يعيد بناء الثقة بين الصحافيين والمؤسسة، خاصة في ظل ما تواجهه المهنة من تحديات أخلاقية ومهنية واقتصادية.