دقت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان ناقوس الخطر مما سمته “الوضعية المُزرية لواقع الفساد والرشوة وبالبلاد”، محذرة من المخاطر الاجتماعية والاقتصادية والقيمية الأخلاقية من هذا الاستفحال في حال عدم تشريع قوانين صارمة جدا ورادعة لمكافحة المفسدين.
وأكدت الهيئة الحقوقية في بيان خاص بمناسبة اليوم الوطني لمحاربة الرشوة، على أن هذه الأخيرة لم تعد أن “مجرد ممارسة غير قانونية تنتهك القوانين والتشريعات في المغرب، وإنما قد أضحت سلوكا يرسخ ثقافة الفساد، ويؤدي إلى تدهور القيم الأخلاقية داخل المجتمع، كما أنها آفة تعرقل التنمية وتزيد من معاناة الفئات الهشة، حيث تعيق الحصول على الخدمات الأساسية، وتُضعف كفاءة الإدارة العمومية، وتؤدي إلى هدر الموارد العامة”.
وذكرت العصبة، ببعض التقارير الدولية والوطنية حول الموضوع مستحضرين على سبيل المثال التقرير الأخير الصادر عن الهيئة الوطنية للنزاهة، الذي رأت فيه “عنوانا بارزا على فشل الحكومات المتعاقبة في محاربة الفساد والرشوة، على وجه التحديد، حيث أن المغرب بحصوله على 38 نقطة من 100 في مؤشر مدركات الفساد لعام 2023 يكون قد تراجع 5 نقاط خلال السنوات الخمس الأخيرة، وهو الذي انعكس على ترتيب البلاد، حيث انتقلت من الرتبة 73 ضمن 180 دولة لعام 2018، إلى الرتبة 97 في 2023”.
ووجهت عصبة حقوق الإنسان انتقادات حادة للحكومة الحالية كونها “لم تتفاعل بالجدية المطلوبة مع التقرير الأخير لهيئة النزاهة الذي أكد أن تكاليف الفساد المرتفعة تتحملها الفئات الضعيفة، كما يمتص الفساد ما بين 4 إلى 6% من مجموع الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل خسارة 50 مليار درهم سنويا بل وهاجمت (الحكومة) هذه الهيئة وطعنت في مصداقيتها، ناهيك عن عدم عقد اجتماع اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد منذ تنصيبها سنة 2017، وضعف التفاعل مع توصيات الهيئة بصفتها مؤسسة دستورية”.
و شدد البيان على ضرورة “عقد اجتماع اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد منذ تنصيبها سنة 2017، وضعف التفاعل مع توصيات الهيئة بصفتها مؤسسة دستورية، إضافة إلى تشديد العقوبات على مرتكبي جرائم الرشوة، مهما كانت مواقعهم أو مسؤولياتهم، مع الحرص على أن العدالة تأخذ مجراها دون تأثيرات أو ضغوط”.
وطالبت العصبة بـ “تقوية الإطار القانوني والمؤسساتي لمحاربة الرشوة، عبر تفعيل الدور الحقيقي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وب: تعزيز التربية على قيم النزاهة والشفافية، من خلال إدماج مواد تعليمية في المناهج الدراسية التي ترسخ الوعي بأهمية محاربة الفساد، وإشراك المجتمع المدني بشكل فعال في محاربة الرشوة، باعتباره شريكًا أساسيًا في التوعية والرصد والتبليغ، كما يجب دعم الجمعيات والمنظمات العاملة في هذا المجال، وتحصين استقلاليتها، وتمكينها من الموارد اللازمة للقيام بدورها”.
وكانت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، كشفت أن المغرب بحصوله على درجة 100/38 في مؤشر مدركات الفساد برسم 2023، يكون قد تراجع بخمس نقط خلال السنوات الخمس الأخيرة، مُكرسا مسلسل التراجع في هذا المؤشر، والذي انطلق منذ 2018 حين حصل على نقطة 100/43، مُلفتا إلى أن هذا التراجع انعكس على ترتيب المغرب، حيث انتقل من الرتبة 73 ضمن 180 دولة سنة 2018 إلى الرتبة 97 ضمن 180 دولة سنة 2023، متراجعا بـ24 رتبة خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وأكدت الهيئة في تقريرها السنوي لسنة 2023 و الذي اطلع الموقع على نسخة منه، تفاقم وضع الفساد، حيث احتل المغرب الرتبة السابعة وفق البارومتر الإفريقي الصادر في ماي 2023، ودعت الحكومة إلى أن تعالج المشاكل المتعلقة بالفساد حتى يتحسن ترتيب المغرب.
ورصد التقرير، في إشارة إلى نتائج البارومتر الإفريقي، الفجوة الملحوظة بخصوص مدركات المواطنين حول فعالية جهود الحكومة للتصدي للفساد في الإدارة العمومية، حيث يرى أن 79 في المائة من المستجوبين أن الطريقة الي تواجه بها الحكومة الفساد داخل الإدارة العمومية سيئة أو سيئة جدا، فيما يرى 18 في المائة أنها جيدة و1 في المائة جيدة جدا.
ورصد التقرير السنوي، الفجوة الملحوظة بخصوص مدركات المواطنين حول فعالية جهود الحكومة للتصدي للفساد في الإدارة العمومية، والتي خلص إليها البارومتر الافريقي الذي أكد على تزايد الإدراك بتفاقم الفساد، خاصة لدى الطبقات الفقيرة والمهمشة والمناطق النائية، مما يدل على أن تكاليف الفساد المرتفعة تتحملها الفئات الضعيفة، وتظهر آثاره في الحقوق التي يحرم منها الفقراء في مجموعة من المجالات مثل التعليم الجيد والسكن اللائق والرعاية الصحية والعدالة الاجتماعية.
وأكد التقرير ارتباط الفساد بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية والجغرافية، حيث يتزايد الإدراك بتفاقم الفساد، خاصة لدى الطبقات الفقيرة والمهمشة والمناطق النائية، و أكد التقرير ، أن الفساد يعتبر من بين العوائق الرئيسية أمام المقاولات في المغرب، وذلك حسب نتائج البحث الميداني الذي تم إنجازه من طرف البنك الدولي المتعلق بالمقاولات لسنة 2023، حيث أعلنت 15.7 في المائة من المقاولات أن الفساد هو العائق الرئيسي الأول أمامها، بينما أفادت 29.6 في المائة من المقاولات بأنها تلقت طلبا لدفع رشاوي في إطار معاملاتها المتعلقة بالحصول على خدمات عمومية تهم الضرائب، والحصول على تراخيص البناء.