اقتربت الانتخابات فارتفعت وتيرة الوعود مبشرة بحياة وثيرة وناعمة، وهي وعود لا حد لها، وما لا حد له فهو ليس بنهائي بمعنى أن الحزب الذي أطلق الوعود الكبيرة لن ينتهي من تعداد ما يمكن أن يقوم به إذا فاز في الانتخابات، وكل ما يطرحه عبارة عن أحلام كبيرة، ومعروف أن الحلم أيضا رهين بما تسمح به مساحة اللا وعي، لكن إذا كانت الأحلام جميلة واستيقظت قبل نهايتها تطلب من الله لو استمر الحلم.
الأحلام اليوم بحجم مستقبل كامل، لكن الغرض منها انتخابي، فما يعد به عزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار، لا يخرج عن هذا السياق. نحن لسنا ضد الحلم لأنه فسحة الأمل، لكن الحلم إذا لم يكن مبنيا على أرقام دقيقة فهو مجرد وهم أو رشوة انتخابية.
لقد وعدنا أخنوش برواتب للمعلمين بعد ترسيمهم بـ7500 درهم، و300 درهم عن كل طفل متمدرس بالتعليم الخصوصي في حدود ثلاثة أطفال، و2000 درهم لكل امرأة حامل وألف درهم لكل شيخ بلغ 65 سنة وليس له معاش من أحد الصناديق، وأمور كثيرة تتعلق بالشغل والتعليم بل إنه وعد بكليات لتخريج الأساتذة وهي موجودة منذ أربع سنوات تحت اسم “المدارس العليا لمهن التربية”.
ولا ننسى أنه وعدنا بتربية “المغاربة اللي ما مربينش”، أو كما قال مولاي حفيظ العلمي في البرلمان للنواب “ما زال غادين نعطيوكم دروس”.
المنطق يفرض تقديم وعود قابلة للتحقيق لكن إطلاق العنان للأحلام، الشبيهة بأفلام الخيال العلمي، وإن كانت هذه الأخيرة مبنية على “الفيزياء المستحيلة” أي القابلة للتحقق عندما تتوفر الظروف، لن يصنع سوى توتر ومزيد من فقدان الثقة في الطبقة السياسية، التي هي في حاجة اليوم إلى تكثيف جهودها من أجل استعادة المغاربة العازفين عن الممارسة السياسية وأساسا الانتخابية.
لنكن عمليين ونطارح التجمع فيما يزعمه رئيسه وقادته. ومفهوم القادة هنا من باب المسامحة اللغوية. فهل رئاسة الحكومة عائق أمام تنفيذ البرامج، وبالتالي لا يمكن الوفاء بالوعود إلا بعد الفوز بالرتبة الأولى في الانتخابات؟
كانت للتجمع وزارات مهمة جدا، وزارات يصعب حتى قراءة عنوانها ومنها وزارة عزيز أخنوش، الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ووزارة الاقتصاد والمالية والإصلاح الإداري، ووزارة التجارة والصناعة والاقتصاد الرقمي والأخضر ووزارات أخرى.
هذه قطاعات مهمة جدا، وما على أخنوش سوى تقديم الحساب، ليس حساب الحكومة، التي لا يترأسها، ولكن فقط الوزارات التي تولاها قياديون من التجمع الوطني للأحرار، أو تولاها وزراء باسم التجمع، حتى نعرف ماذا حققوا وماذا لم يحققوا.
خلاصة ما أراد قوله عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، في كلمة أثارت جدلا، ربما بسبب المفردات المستعملة، لكن العبارة التي لم يقلها وكان يريد قولها من خلال كلامه “البرنامج الانتخابي قاعدة المحاسبة الجماهيرية”، أي لا تطلق سوى الوعد القابل للتنفيذ، أما ما يقوم به أخنوش اليوم هو محاولة لتقديم رشوة عبارة “عن حلم انتخابي”.