لا تنتهي إبداعات الحكومة المغربية، برئاسة عزيز أخنوش ورئيس “تجمع المصالح الكبرى”، ومن آخر ما تفتقت عنه عبقريتها هو توقيع اتفاقية مع صانع محتوى، ممن يسمون “روتيني اليومي”، بحوالي 200 مليون سنتيم، قصد الترويج لقضية مثيرة للغاية، أي إقناع المغاربة بأن الحكومة غير مسؤولة عن الزيادة في الأسعار، وأن المسؤول هو الفاعل الخارجي، وما يقع لنا اليوم هو قضاء وقدر وما علينا سوى الصبر.
يأتي هذا بعد مليارين و300 مليون، التي وزعتها الوزيرة فاطمة الزهراء عمور على المؤثرين في “روتيني اليومي” قصد الترويج لبرنامج فرصة، وبعد مرور شهرين لا نحن رأينا المؤثرين ولا نحن رأينا أصحاب فرصة، حيث لم يتم لحد الآن إنتاج أي محتوى لإقناع الشباب بالانخراط في برنامج فرصة، وحسب الوزيرة فإن 37 ملفا فقط هي التي تمت معالجتها، ومع كامل الأسف خسرنا مبلغا هائلا، ومع أنه بدون معنى، غير أنه لم يتم الالتزام بصناعة المحتوى، وما تم إنجازه من المشروع لحد الآن يفيد أنه ليس هناك إقبال عليه. فلماذا صرف الأموال على المؤثرين؟
وما زالت الأموال تُصب صبا في حسابات المؤثرين، وسيتم تفجير قضايا أخرى، فقد تحول المؤثرون إلى وسيلة لـ”حلب” الميزانية العامة وبـ”القانون” وبما يرضي الوزراء، فكل يوم نسمع عن اتفاقية مع أصحاب وصاحبات “روتيني اليومي” قصد صناعة محتوى معين للترويج لقضية محددة.
القضية التي سيتم الترويج لها في غاية الإثارة. كيف يمكن أن تقنع شعبا بأن الزيادات ليست من مسؤولية الحكومة؟ فحتى لو صرفت الملايير لن تقنع أحدا بأن الزيادات قضاء وقدر، لأن دور الحكومة هو تدوير الأموال التي تجمعها من الضرائب قصد خلق التوازنات الاقتصادية والاجتماعية، أما أن تعاملنا بصفتنا زبناء فهذا لن يجدي.
لن تقنع المغربي حتى لو جمعت كل أصحاب الروتيني، الذين هم أصلا ليسوا من أهل الإقناع ولا يعرفون التواصل، بأن الأسعار المرتفعة لا مناص منها، في وقت ينتظر المغاربة أن يخرج رئيس الحكومة، الضعيف في التواصل، ليخبر المواطنين بما يقع وعن طريق الإعلام العمومي أو حتى الإعلام المهني، حتى لا نحول منصات التواصل الاجتماعي إلى المصدر الوحيد للتواصل مع المواطن.
بهذه الطريقة تلعب الحكومة بالنار، فالاعتماد على ما يسمى “المؤثرين” قضية خاسرة، لأن هؤلاء المؤثرين عندما تفرغ حساباتهم من أموال الحكومة “سيقلبون وجوههم” وينقلبون على الحكومة وعلى المؤسسات وسيمارسون مزيدا من الابتزاز في حقها قصد الحصول على مزيد من المال وإلا سيعملون على نشر مزيد من الأخبار الزائفة، ولهذا أي تواصل خارج القنوات الطبيعية ومن قبل رئيس الحكومة هو عبث بالبلاد وتعريضها للخطر والسير بها نحو الفوضى.
لمحاربة الفايك نيوز يقتضي الأمر القطع مع استغلال أصحاب “روتيني اليومي” في أية دعاية واعتماد القنوات الخاصة، ومن أراد أن يعوض “المؤثرين” فليعوضهم من حسابه الخاص وليس من خزينة الدولة.