لم يبق إلا يوم واحد ونودع سنة 2024 ونستقبل سنة 2025، وبقدر ما يحتفل الناس باستقبال سنة جديدة يودون التخلص من محن سنة انقضت، لكن في السياسة، ليست هناك نتائج إيجابية مائة في المائة ولا سلبية بنفس المستوى، ولهذا نحتاج إلى تقييم لسنة مضت قصد تقويمها من الاعوجاج الذي عرفته.
السنة السياسية تبدأ مع الدخول الاجتماعي، لكن نهاية سنة تحتاج إلى وقفة لاستخلاص العبر.
واصلت حكومة عزيز أخنوش في سنتها الثالثة خط الاعتماد على الأغلبية العددية، التي تفيد التغول السياسي ضد الفرقاء السياسيين، حيث لم يعد للمعارضة دور سوى أن تستعمل البرلمان كوسيلة للاحتجاج ومنبرا للخطابة، لكن أدوارها التشريعية والرقابية فقد انتفت تقريبا بشكل كلي، وسبق لبرلماني من الأغلبية أن عبّر عن ذلك بكل وثوقية عندما قال في مواجهة برلماني من المعارضة: غوتوا كيفما بغيتو في الأخير نحن لدينا العدد الكافي للتصويت.
وبهذه الطريقة مارست الحكومة نوعا من الاستعلاء على الفرقاء السياسيين، ومع ذلك لم يلتزم رئيس الحكومة بالاستحقاقات الدستورية، التي أكد عليها دستور 2011 مثل الجلسة الشهرية بالبرلمان قصد مناقشة السياسات العامة للحكومة، حيث حولها إلى جلسات كل شهرين، وعندما يأتي يوجه سهام نقده للجميع.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن الجلسة الشهرية كانت هي قاصمة الظهر، إذ في آخر جلسة اعترف رئيس الحكومة ورجل الأعمال عزيز أخنوش، بأن إحدى شركاته هي التي فازت بصفقة تحلية مياه البحر بملايير الدراهم، مبررا ذلك بأنها تمت وفق المعايير التي تتعلق بالصفقات العمومية، ناسيا أنه رئيس للحكومة وهو من يشرف على لجنة الاستثمار وأن الحكومة التي يترأسها هي التي تقوم بفتح الأظرفة المتعلقة بالمناقصات، ومن هذا المنطلق فإن الصفقة تبقى مشكوكًا في سلامتها، وهي عنوان بارز لتعارض المصالح.
وتم خلال السنة التي انتهت تعديل حكومي أذهب وجوها وجاء بأخرى، لكنه أكد أن النهج الذي تسير به الحكومة وتعامل وزراءها لم يحقق ما كان المغرب يسعى إليه. وينبغي التأكيد على أن الحكومة هي الشكل السياسي المنتخب وبالتالي ينبغي أن تعبر عن ضمير المجتمع، لكن للأسف الشديد لم يتم ذلك.
ولولا حرص مؤسسات الدولة على السير الطبيعي للمرفق العام لكانت الحكومة قد مارست ما لا تحمد عقباه، ومع ذلك اصطدم رئيس الحكومة ووزراؤه بالعديد من المؤسسات العمومية والدستورية، التي خولها المشرع مراقبة العمل الحكومي وكل المؤسسات العمومية وكان الاصطدام بحجم الارتطام الكبير بين جسمين ضخمين، لأن الحكومة في ميزان تدبير الشأن العام كبيرة والمؤسسات الدستورية في ميزان المراقبة ذات شأن كبير.
وما تبقى من فصول السنة السياسية قضاه حزب رئيس الحكومة في مناوشة الحزب الأغلبي السابق أي العدالة والتنمية، وكأن السياسة في المغرب لا تفترق عن الحزبين، بينما عرف المغرب تطورات كبيرة ومهمة كان ينبغي استثمارها لفائدة العمل الحكومي خصوصا وأن ملفات كبرى عرفت تقدما وعلى رأسها قضية وحدة التراب الوطني التي راكمت عناصر إيجابية كبيرة.