في الوقت الذي ينتظر فيه قطاع الصحة دفعة جديدة من الأطباء الشباب، يعلو صوت طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة من جديد، وهذه المرة برسالة مفتوحة إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، تُعبّر عن قلق، استياء، وربما شعور متزايد بالتجاهل.
الرسالة، التي حملت توقيع اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة، جاءت بعد شهور من الصمت الرسمي. تقول اللجنة إن الوزير لم يفتح أي قناة تواصل رغم تعدد المراسلات، وكأن الاتفاق الذي وُقّع قبل أشهر ليس سوى حبر على ورق.
اتفاق التسوية كان مفترق طرق حينها، وُصف بأنه بداية انفراج في ملف طال أمده، لكنه اليوم يبدو وكأنه مجرد وثيقة منسية. الزيادة في تعويضات المهام التي تم الاتفاق عليها لم تُصرف، ومضامين بنوده لا تزال حبيسة الرفوف.
“نعيش نفس السيناريو السابق”، تقول الرسالة، في إشارة واضحة إلى فقدان الثقة المتنامي بين الطلبة والوزارة. فبدل أن تكون الأشهر الماضية فرصة لبناء جسور الثقة، بدا وكأن شيئًا لم يتغير. الرسالة لم تُخفِ امتعاضها من “نهج التجاهل”، الذي وصفته بأنه يتنافى مع روح الحوار والاحترام المتبادل.
ليس الأمر مجرد خلاف إداري. تأخر تنفيذ الاتفاق يؤثر على آلاف الطلبة في مرحلة حساسة من تكوينهم، مرحلة تتطلب استقرارًا نفسيًا وماليًا في ظل ضغط الدراسة والتداريب. فهل يُعقل أن تُربك هذه التفاصيل مسار من اختاروا مهنة لا تحتمل التأخير ولا التسويف؟
أمين التهراوي اليوم أمام لحظة اختبار. الرسالة المفتوحة ليست فقط نداءً للمطالبة بحقوق معلقة، بل أيضًا فرصة لإثبات أن وزارة الصحة قادرة على طي صفحة التوتر وبناء علاقة جديدة مع أطباء المستقبل، قائمة على الالتزام والتقدير.
في ظل صمت الوزارة، يبقى السؤال معلقًا: هل سيتحوّل الحوار إلى حقيقة أم أن الطلبة سيُجبرون من جديد على النضال في قاعات الانتظار بدل قاعات الدرس؟