عاد عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة الأسبق الى واجهة السياسة من جديد، على إثر إنتخابه أمينا عاما جديدا على رأس حزب العدالة والتنمية، وجاء إنتخاب بنكيران بعد صراع لتنظيم المؤتمر الاستثنائي وإبعاد سعد الدين العثماني رئيس الحكومة الاسبق من زعامة الحزب على إثر الفشل الذريع في انتخابات الثامن من شتنبر، وإرتفالع أصوات تطالب بعودة بنكيران لمواجهة زعيم حزب التجمع الوطني للأحرار ومحاولة إنقاذ ماء وجه الحزب “الإسلامي” أمام السقوط المهول في الانتخابات وتراجع شعبية اعضائه.
وانتخب بنكيران بعدما حصل بنكيران على 1012 صوتا مقابل 221 صوتا لعبد العزيز العماري و15 صوتا لعبد الله بوانو، بينما بلغ عدد الأصوات الملغاة 4، حيث جاء انتخاب بنكيران، بعد أن صوت أعضاء المؤتمر الوطني الاستثنائي لـ”البيجيدي” ضد مقترح الأمانة العامة للحزب بتأجيل المؤتمر مدة سنة، إذ صوت 901 من المؤتمرين ضد المقترح مقابل 374 مؤتمرا صوتوا لصالحه، وهو ما فتح الباب لعودة بنكيران إلى قيادة الحزب من جديد.
وانتخب عبد الإله بنكيران، بينما كان جالسا في يته يتابع أطوار المؤتمر الاستثنائي، حيث خاطب المؤتمرين قائلا ” أنا عاجز عن استيعاب وضعية الحزب حاليا، مضيفا بأن الصورة مازالت غير واضحة بالنسبة له، لأن ” الظروف ليس هي الظروف” ، و أثنى على استمرار وحدة الحزب، رغم الهزيمة الكبيرة التي مني بها في انتخابات 8 شتنبر الماضي، وقال ” رغم كل ما وقع بقي الحزب موحدا”، قبل أن يضيف “رغم كل ما وقع، وكأن شيئا لم يقع.. المهم أننا لم نفقد الأساس”.
ونبه بنكيران إخوانه إلى الظرف الصعب الذي يعاد فيه تنصيبه أمينا عاما عليهم، بالقول “هناك أشخاص يتخيلون أنه يمكن أن نعيد بناء الماضي بهذه السهولة وننطلق من جديد”، قبل أن يضيف “أنا لست بطلا من أبطال كرة القدم، أنا لست ميسي، لكني سوف أبدل جهدي، وأضاف بنكيران أنه بلغ من العمر 70 عاما، وبالتالي فهو لا يستطيع أن يشتغل وحده، وإنما بالاستعانة بأعضاء من الحزب من القدامى ومن الجدد، على حد تعبيره.
وخاطب بنكيران إخوانه قائلا “علينا إعادة بناء حزبنا.. وإعادة بعث الروح التي تأخذ نفسها من الروح الإسلامية، ولا تنسوا أنكم جئتم من مرجعية إسلامية، ووعد بنكيران أعضاء حزبه بأنهم “سيعيدون تحقيق انتصارات أخرى”، لكنه قال لهم في نفس الوقت بأن “العودة إلى الوزارات والسفارات أصبح أمرا بعيدا”، وأكد بنكيران على أن حزبه سيصطف في صف معارضة الحكومة، وسيمارس مهمته في المعارضة بالقوة اللازمة وبمرجعيته الإسلامية.
وخرج نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب، ليواجه ما قاله ما فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، في رده على تدخلات الفرق النيابية بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية الجمعة، بشأن الأساتذة أطر الأكاديميات، أو من يعرفون بـ”الأساتذة المتعاقدين، مؤكدا ان حزبه لن يتخلى عن المتعاقدين”
من جهته قال نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب “التقدم والاشتراكية”، إنه على إثر نتائج اقتراع 08 شتنبر 2021، تشكلت الأغلبيةُ من الأحزاب الثلاثة الأولى، ثم تشكلت إثرها الحكومةُ في مظهرٍ سياسي حزبي، إنما بعمقٍ تكنوقراطي لا تُخطئه العينُ المتفحصةُ لمكوناتها البشرية، ناهيك عن الخطورة التي ينطوي عليها الجمعُ فيها عمليا بين السلطة والمال.
وأكد بنعبد الله، في كلمة ألقاها خلال الدورة الثامنة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، أن الأولوية بالنسبة لحزب التقدم والاشتراكية، وهي تلك المرتبطة بتوطيد الديمقراطية وتوسيع فضاء الحريات، مع ما يقتضيه ذلك راهناً من توفير أجواء الانفراج السياسي والحقوقي وإطلاق سراح معتقلي الحراك ومعتقلي قضايا الإعلام.
وشدد بنعبد الله على ضرورة تعزيز الاقتصاد الوطني وقدراته على خلق الثروات ومناصب الشغل، في إطار سيادة القانون والشفافية والمنافسة السليمة، وكذا العناية بالمسألة الاجتماعية وكرامة الإنسان، وكذا الاهتمام القوي بالشأن الثقافي وبالمسألة البيئية.
وأشار أن الحكومة تقدمت أمام البرلمان، ببرنامجها الحكومي الذي تسجل فيه بعض الإيجابيات القليلة من قبيل بعض الالتزامات التي فرضتها أساساً وثيقةُ النموذج التنموي، وليس إبداعُ أو إرادةُ الأغلبية الحكومية، إلا أنَّ هناك نقائصَ جمة تتخله أبرزها عدمُ تدقيق معظم القضايا المتصلة بالمجال الاقتصادي والميدان الاجتماعي؛ وبمعالجة الإشكالات الكبرى لبلادنا؛ والانعدام شبه التام للالتزامات المرتبطة ببلورة مضامين الدستور، وتوطيد الديموقراطية، وتوسيع فضاء حقوق الإنسان والحريات.
وأبرز بنعبد الله أن هذا ما دفع حزبه إلى التصويت ضد البرنامج الحكومي، مشيرا أنه في نفس السياق تقدمت الحكومة بأول قانون للمالية، والذي جاء مُخَيَّباً للانتظارات، وبمنطق محاسباتي لا اجتهاد فيه، ومُفتقِداً لإجراءاتٍ في مستوى خطورة المرحلة وصعوبتها.
وأشار المسؤول الحزبي أن عجزُ الحكومة بدا واضحاً في تقديم الأجوبة عن الأسئلة الحارقة للطبقات الشعبية ولأوساط المقاولة، وفي إحداث القطائع الموعودة، وفي ترجمة التوجهات العامة المُعلنة إلى مبادرات ملموسة.
ولفت إلى أن الحكومة لم تقدم أيَّ مخططٍ مدقق، حيث افتقد مشروع قانون المالية إلى اللمسة والجرأة السياسيتين، وذلك في ظل تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وفي ظل تصاعد نسبة البطالة، واستمرار مُعاناة العمال والفئات المستضعفة والمِهن البسيطة والأسر الفقيرة وساكنة العالم القروي.
وأوضح بنعبد الله أن انتقاد حزبه للبرنامج الحكومي ورفضه لمشروع قانون المالية ينطلقان أساساً من تساؤلاتٍ مشروعة حول مدى تطابق الشعارات والعناوين مع حقيقة التفاصيل، لأن استعارة الحكومة لعبارة “الدولة الاجتماعية” ليس فقط بمثابة سرقة فكرية موصوفة من قِبَلِ هذه الحكومة اليمينية والضعيفة سياسياً، بل إنها مقولة ينطوي توظيفُها على كثيرٍ من المُغالطات التي تروم إخفاء توجهاتها الغارقة في الليبرالية، وأضاف “هذه العبارة لن تنطليَ على أحدٍ وهي محاولةُ تغطية المصالح الاقتصادية للوبيات المالية ببعض “جرعاتٍ اجتماعية” بعضها لا يُسمن ولا يُغني من جوع، وبعضها الآخر لا يد ولا فضل لهذه الحكومة فيه”.
وزاد “على هذه الحكومة اليمينية أن تُصارح الشعب المغربي، الآن وليس غداً، حول كلفة البرنامج الحكومي، وحول الأوراش الكبرى، وحول مقاربتها لإصلاح وصَوْنِ وتقوية المرفق العمومي والخدمات العمومية، وحول كيفيات ومصادر تمويل المشاريع الإصلاحية في المجال الاجتماعي من تعليم وصحة وبنيات أساسية وغيرها، وحول مقارباتها في محاربة الفساد والريع والرشوة وتضارب المصالح والغش والتملص الضريبيين، وحول إصلاح الضرائب والإجراءات الكفيلة بتوسيع وعائها والرفع من مردوديتها والسير بها نحو العدل والإنصاف، وتابع “على الحكومة أن تُفصح لنا عن تدابيرها لإعمال دولة القانون والشفافية في المجال الاقتصادي وتحريك مؤسسات الحكامة، وأن تقول لنا ما آلياتها لتجاوز التفاوتات المجالية الصارخة.