محمد عفري
يواصل “فراعنة الباراسولات” استغلال الملك البحري العمومي، على الشواطئ بالقوة، ويمارسون تجارتهم الموسمية في كراء واقيات الشمس( بّاراسول) وكراسي معدودة ومائدة من البلاستيك، في ابتزاز فاضح للمصطافين من المواطنين والأجانب، حيث الأثمنة مقابل هذا الكراء باهضة وخيالية حتى، تستنزف الطاقة الشرائية للأسر المغربية دون واعز أخلاقي أو رادع قانوني منظم لمهنة تدخل في القطاع غير الشرعي وغير المهيكل وتستغل الملك العمومي البحري عنوة وبالقوة..
رغم الجهود المبذولة والمحسوبة من بعض” السلطات” المننخبة بالخصوص، وفي بعض الجهات المعدودة، للحد من ظاهرة “فراعنة الباراصولات”، ورغم جهود بعض فعاليات المجتمع المدني المهتمة بحماية المستهلك؛ عاد هؤلاء الفراعنة، عن بكرة أبيهم، إلى الشواطئ،مع أول أيام اشتداد القيظ التي سبقت الحلول الطببعي الرسمي لفصل الصيف، عادوا ليعيثوا إفسادا لنعمة طبيعية حبانا الله بها، لتكون ماء ورملا وصخرا، وليس “أجساما غريبة”، صفوفا متراصة وأخرى بغير انتظام من مظلات تعكر صفو هذه النعمة ..
حين نقول فراعنة،ولو بالمجاز ، عن ممتهني هذه “التجارة”النشاز؛ فلان طريقة عرضهم ل”منتوجهم” فيها نوع من القوة بالإرغام على الاستهلاك، ولأن الأثمان التي يفرضون؛ خيالية لا “مساومة” فيها، بل مبتزة إلزامية لا تناقش، ولأن عارضي هذه الخدمة؛ غالبيتهم بقامات فارعة واجسام ممشوقة وعضلات مفتولة وبأوشام أو خدوش جلدية تنم عن استعمال القوة في حديثهم وحركاتهم وتوحي بأنهم من ذوي سوابق عدلية، وحين يحاول الزبون/ الضحية الدخول في المماكسة والمشاكسة عن الأثمان، فإن لغة الحديد والنار تفرض نفسها، ولازمة تتكرر ملء أفواههم ” حنا ما علينا والو..! ومول الشي كاري الارض غالية..!”، ليذعن هذا الزبون أو تخضع تلك الأسرة بصغارها لأصحلب العرض ول” استعطاف” “أصحاب الأرض”، وباختصار تذعن ل”قانون” العرض” الفرعوني” …
في سؤال من يَكري( الأرض)؛ الملك البحري العمومي، وهو في جزء منه تابع للبحرية الملكية، وفي جزء آخر تابع للجماعات الترابية؛ تفرض المتاهة نفسها، أكثر ما يفرض الجدل نفسه بين المستهلك و”البائع” والسلطات والمجتمع المدني المتمثل في حماة المستهلك أكثر من حماة الملك العمومي، لأن سؤالا أخر يفرض نفسه أكثر؛ وهو من المكتري، أو من المستفيد الحقيقي من الملك العمومي البحري، ليس بقوام زرع “الباراصولات” وكراسيها على الشواطئ كل صيف، وإنما بمقاهي وشبه مقاهي وكُشكات موسمية وأخرى قارة..
إشكالية المواطن والمجتمع بصفة عامة، مع “فراعنة الباراسول” هي إشكاليته مع “فراعنة الجيليات الصفراء” أو “الكَارديانات”،؛ إذ رغم “الاجتهادات” و”المجهودات لتنظيم هذين “المهنتين” على الأقل، تفرض صدمة الواقع المرير نفسها هي الأخرى.. كيف؟ “فراعنة الباراصولات” و” فراعنة الكارديانات” سيان؛ هم تحصيل حاصل لآشكالية مجتمعية بنيوية؛ تتحمل فبها الدولة والحكومات المتعاقبة والمنتخبون في الجماعات المسؤولية الكبرى. لماذا؟ لأن غالبية ممتهني “كراء الباراصول” و”الكارديناج” العشوائي؛ هم في الأول والأخير ضحايا سياسات تعليمية وتكوينية فاشلة، أخرجت عالات مجتمعية إلى الوجود، إما عبر الهدر المدرسي المبكر – وهو بلا حل جذري لحدود اليوم- وإما بلا تكوين لكفاءات متعلمة ولا تكوين مهني هادف يستطيع أصحابهما الاندماج الفعلي والسريع في سوق الشغل الوطني. الأكثر من ذلك، فآن ممتهني هذين القطاعين العشوائيين؛ ضحايا انعدام إدماج إيجابي وفعال في برامج التنمية الساملة عير مشروع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية منذ 2005، وفوق كل هذا، هم ضحايا للمنتخبين الذين يستغلونهم أشد استغلال، حين يستعملونهم أساس قواعدهم الانتخابية…