تشير الأرقام الأخيرة إلى أن إصلاح الضريبة الداخلية على الاستهلاك (TIC) المطبقة على المشروبات الكحولية قد حقق أهدافه بامتياز، حيث أسفر عن مداخيل إضافية بلغت حوالي 502.8 مليون درهم خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024. ووفقًا لتقرير وزارة المالية، فإن الإيرادات الناتجة عن هذه الضريبة تجاوزت 1.96 مليار درهم حتى نهاية سبتمبر، وهو ما يمثل نسبة تحقيق تتجاوز 96% مقارنة بتوقعات قانون المالية.
استهلاك المشروبات الكحولية في المغرب
بلغ الاستهلاك الرسمي للمغاربة من المشروبات الكحولية حوالي 995,000 هيكتولتر خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، وهو ما يعادل نحو 100 مليون لتر، بمعدل استهلاك يقدر بـ3.3 لترات للفرد سنويًا. هذه الإحصاءات لا تشمل الكحول المهرب أو المنتج بشكل غير قانوني، مما يعني أن الأرقام الفعلية قد تكون أعلى بكثير.
ارتفاع المداخيل الضريبية على مدى العقد الأخير
تظهر البيانات أن الإيرادات الناتجة عن الضريبة على المشروبات الكحولية شهدت زيادة مطردة خلال السنوات العشر الأخيرة، باستثناء عام 2020 الذي تأثر بقيود جائحة كورونا. ففي عام 2023، وصلت مداخيل هذه الضريبة إلى أكثر من 2.24 مليار درهم، لتصبح ثالث أكبر مصدر لدخل الخزينة بعد الضرائب المفروضة على المنتجات البترولية والتبغ.
تحديات قانونية وإصلاحات ضريبية جديدة
يُدار قطاع المشروبات الكحولية في المغرب وفق إطار قانوني يعود إلى عام 1966، مما يجعله قديمًا وغير متوافق مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية الحديثة. وعلى الرغم من أن الإصلاحات الضريبية لعام 2024 أدت إلى ارتفاع الرسوم على المنتجات الكحولية، إلا أن ذلك أثر على الأسعار النهائية للمستهلكين.
على سبيل المثال، ارتفعت ضريبة الاستهلاك على النبيذ من 850 درهمًا للهكتولتر إلى 1,150 درهمًا، وعلى الجعة من 1,150 درهمًا إلى 1,550 درهمًا، مما أضاف أعباءً جديدة على المستهلكين النهائيين، وخاصة ذوي الدخل المحدود.
انعكاسات اجتماعية واقتصادية
هذه الزيادات الضريبية أدت إلى تحميل المستهلكين تكلفة إضافية، وهو ما قد يؤثر على معدلات الاستهلاك داخل الأسواق الرسمية ويشجع على زيادة النشاط غير المشروع. كما أن هناك عمليات تحصيل ضريبية مشددة تستهدف بعض المؤسسات التي تُطالب بتسوية ديونها في غضون أسبوع، وإلا فستواجه خطر إلغاء تراخيصها.
تساؤلات حول الإطار القانوني الحالي
في ظل التحديات الراهنة، يدعو العديد من الفاعلين في القطاع إلى تحديث الإطار القانوني المنظم لنشاط المشروبات الكحولية، ليعكس المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية ويحد من التناقضات التي يعيشها هذا القطاع الحيوي.
على الرغم من الجدل المحيط بهذا النشاط، إلا أن المشروبات الكحولية تبقى مصدرًا هامًا لدعم خزينة الدولة بمداخيل تتجاوز المليارات، مما يعكس الدور المزدوج لهذا القطاع في الاقتصاد الوطني بين الإيرادات الضريبية والتحديات الاجتماعية.