عنوان هذه المقالة مستوى من “هاشتاغ” انتشر بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، وتم تنويعه زيادة وإضافة، وبما أننا صحيفة يومية تحترم نفسها فلسنا ممن ينخرط في حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن وكما يقول تعالى في كتابه العزيز “لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى”، فكون الحملة انطلقت من التواصل الاجتماعي لا يمكن رفضها لصفتها، بل ينبغي مناقشتها لأنها تقف على أرضية وجيهة وأسباب معقولة، فهناك ما يبرر رفع شعار “أخنوش إرحل”، والشعار طبعا يختزل موقفا، وهو الموقف الذي نما وترعرع بسبب سياسات الحكومة.
لا دخان من دون نار كما يقال فما بالك إن كانت النار أحرقت بأسعارها الجميع، ولم تعد الطبقات الهشة وحدها من يشكو من تداعيات الغلاء، ولكن كل فئات المجتمع باستثناء الفئة المتنفعة، ولهذا رحيل هذه الحكومة ضرورة تاريخية لحماية المجتمع والدولة من التوترات، التي بدأ فتيلها يستعر.
نام المواطنون واستيقظوا ليجدوا بلاغا لأصحاب شركات النقل قرروا من خلاله الزيادة في ثمن النقل بالخمس نتيجة ارتفاع المحروقات. نحن هنا أمام قضية خطيرة هو أنه لم تعد هناك جهة لها علاقة بمراقبة الأسعار وتحديدها. عمليا ليس من حق هؤلاء الزيادة في غياب الحكومة ودون الحوار معها، لكن منطقيا حكومة أخنوش هي التي دفعتهم إلى هذا التمرد. فهذه الزيادة احتجاج على الرفع المهول في ثمن المحروقات.
هذه الحكومة ينبغي أن ترحل ليس فقط لأنها متهورة في اتخاذ القرارات ولكن لأنها تخالف السياق الدولي، الذي اتجهت فيه الدول إلى تعزيز الحماية الاجتماعية للمواطنين، نتيجة التأثيرات الجانبية لجائحة كورونا، فحتى الدول الأكثر ليبرالية التزمت سياسة الدعم الاجتماعي لكل فئات المجتمع، لكن حكومة أخنوش وحدها في العالم اعتبرت الجائحة غنيمة للاتجار وتحقيق مزيد من المصالح لـ”تجمع المصالح الكبرى”.
على هذه الحكومة الرحيل أو الترحيل القسري بكافة الوسائل التي يتيحها الدستور والقانون، حتى لا تتسبب في كوارث اجتماعية لن تتحمل مسؤوليتها الحكومة المكونة من أصحاب المصالح، الذين يعرفون كيف يحمون مصالحهم لكن مضاعفاتها ستكون خطيرة على الدولة والمجتمع.
رحيل الحكومة هو أدنى إجراء يمكن اتخاذه لإنقاذ الوضع المتجه نحو الكارثة، حيث لم تبق مادة استهلاكية لم يمسسها الارتفاع والغلاء، بينما الأجور في مكانها بل إن أجور كثير من المواطنين تضررت مع الجائحة، وهذا ما ورد في تقرير المندوبية السامية للتخطيط، التي قالت إن ثلث المقاولات وجدت نفسها أمام الإغلاق أو تقليص العاملين والموظفين أو تخفيض أجورهم. يعني أن المعادلة غير متكافئة في معاملاتها، أجور متضررة ودخل مفقود وزيادة في الأسعار فأين الحكومة من مبدإ “الدولة الاجتماعية”؟
على الحكومة الرحيل لأنها تناقض مبدأ “الدولة الاجتماعية” وهو روح التوجهات الملكية وبالتالي تضع الحكومة نفسها في تغاير خطير مع الدستور الذي يضمن سيره السليم جلالة الملك.