محمد عفري
خرج وزير الصناعة والتجارة،قبل أربعة أيام إلى المغاربة؛ ليقر باستمرار ارتفاع أسعار اللحوم، دون أن يهمس ببنت شفة، عن حل ممكن – ولو صغير- لمواجهة هذا الغلاء؛ وتلك عادة حكومة أخنوش، من رئيسها إلى كل أعضائها؛ منذ حلت بالسلطة التنفيذية، لا حلول لها في مواجهة وتدبير الإشكاليات والأزمات؛ غير ترك المواطنين عرضة لها؛ وقس على ذلك ما فعلته مع أزمة المحروقات في ارتباطها بالسعر الدولي للنفط، اوفي أزمة الماء بارتباطها بالتغير المناخي ونذرة التساقطات وشح المنتوج الوطني من الخضر والفواكه، أو في أزمة التعليم وإضراب أساتذته؛ حيث كادت تكون السنة الدراسية بيضاء، أو في أزمة الدواجن وغلاء دجاج الاستهلاك ولحومه وعلاقته بارتفاع أسعار الأعلاف، وبالاحتكار ورفع الضريبة على استيراد الكتكوت وإنتاجه، وما أكثر الأزمات والشدائد التي أدارت فيها حكومة أخنوش ظهرها للمواطنين، رافعة شعار “كم حاجة قضيناها بتركها”، لتتركهم حقيقة لا مجازا، في مواجهة هذه الأزمات من دون حل، إلا من حل رفع الأسعار وفرض الضرائب والزيادة في هذه الضرائب..
بشعار “الله غالب” الذي رفعه عدد ممن سبقوه من الوزراء والمسؤولين في كل الحكومات المتعاقبة على المغرب المستقل؛ ضرب وزير التجارة والصناعة- دون خجل- وعيدا للمواطنين، يفيد باستمرار ارتفاع اللحوم ( الحمراء والبيضاء) حتى في شهر رمضان الفضيل الوشيك، الذي يرتفع فيه الطلب ارتباطا ب”جودة” التغذية، التي يلزمها الصيام..ودون أن يقدم أدنى حل، ودون أن يلوح إلى أي حل ممكن في الأفق القريب لقطاع اللحوم، أقرّ معالي الوزير باستمرار إشكالية غلاء اللحوم في المغرب، خاصة منها الحمراء”، واصفاً ذلك بأنه “إشكال كبير”.
عوض أن يعرض التدابير والإجراءات الواجب اتخادها من طرف باقي زملائه في الحكومة، وعلى رأسهم رئيسها، وبعده وزير الفلاحة والمسؤولين عن القطاع الإنتاجي؛ ارجع هذه الإشكالية إلى تراجع قطيع الماشية بالمغرب بحوالي نصف عدده وإلى الصعاب التي تجدها الحكومة خلال استيراد رؤوس القطيع أو استيراد اللحوم وهي صعاب ترتبط بنوعية الحيوانات المستوردة وظروف نقلها..
للأسف أن معالي الوزير في معرض قوله هذا إن لم يأت بجديد يذكر ، فبالأحرى أن يقدم حلا، فإنه ضحك ملء أشداقه على الدقون؛ والصعاب التي تحدث عنها تابثة على أرض الواقع، وتترسخ في ذهن الصغير من المغاربة قبل أكبرهم، والأكثر من ذلك، فالواقع يؤكد ن هذه الصعاب استفحلت مع الحكومة التي ينتمي إليها معالي الوزير؛ أي حكومة أخنوش التي استفحلت في عهدها العديد من الأزمات؛ من أزمة المحروقات والنقل إلى أزمة اللحوم، دون أن تجد لها كلها حلا، غير الإقرار والاعتراف والقول ب”الله غالب”..
إقرار الوزير، ومن خلاله إقرار حكومة أخنوش بكاملها،باستمرار غلاء اللحوم ضدا على إرادة المواطنين وقدرتهم الشرائية، فيه إقرار للحكومة بفشلها الذريع في حفظها للمغاربة قدرتهم الشرائية وعدم ضمانها لعيشهم الكريم في أريحية، وهو ما يفسره تملصها من المسؤولية، خصوصا عندما ربط الوزير ذاته إشكاليات غلاء اللحوم بضعف تجاوب وإقبال عدد من المستهلكين على بعض أنواع اللحوم المستوردة مستعملا لغة “التسويف” التي فطن المغاربة لها وسئموا منها، لكونها تدخل في باب الوعد الكاذب، ومنه قول الوزير عبثا، بأن حكومة أخنوش في هذه الظروف والتحديات، تحاول إيجاد كل الحلول لتزويد السوق باللحوم بأثمنة مناسبة للمواطنين، وأي حل ياترى ستجد الحكومة قبيل رمضان، والوزير نفسه لا “يملك” فكرة عنه، على بعد أسبوعين من شهر يرتفع فيه الطلب على كل المواد كما يرتفع الاستهلاك.
وأي حل ستقدمه الحكومة للمواطنين، وهي التي يغيب عنها الحزم والشجاعة والصرامة في محاربة مختلف أشكال الادخار السري والاحتكار والتخزين غير المشروع، وهي أشكال متفشية في قطاع اللحوم كما هي متفشية في قطيع المواشي. الصرامة والشجاعة تغيبان أيضا عن الحكومة في تحميل المسؤولية التابثة للقطاع الإنتاجي جىاء المآل الذي سار عليه قطاع اللحوم، بل تحميل المسؤولية الكاملة في حق المحتكرين بقطاع المواشي من الأغنام إلى الأبقار الموجهة إلى اللحوم، دون نسيان محتكري ألاغنام المدعمة الموجهة إلى عيد الأضحى، كما حدث قبل أقل من سنة من الآن..
إلى حدود اليوم؛ لا حل، لحكومة أخنوش؛ يلوح لمواجهة غلاء اللحوم، غير الكلام الفضفاض الذي يستفاد منه التهرب الفاضح من المسؤولية وترك المواطنين في مواجهة مصيرهم بأنفسهم، كما واجهوه مع غلاء الدجاج ولحومه وغلاء المحروقات وغيرها، وغلاء الخضر والقطاني التي تشكل عماد المائدة الغذائية للسواد الأعظم من المغاربة؛ أما منتوجات الأسماك التي كانت إلى زمن قريب في متناولهم؛ فقد باتت من أضغاث أحلامهم، بعدما أضحت أثمانها صاروخية، رغم وفرة المنتوج، لكن أمام اباطرة الاحتكار والتخزين، ما عسانا أجمعين إلا العودة إلى “الخبز وأتاي”؛ عودة مع أخنوش ووزائه أصبحت وشيكة، ومعهم لا تستبعدوا أي انحدار اجتماعي…