تخوض مصالح المراقبة التابعة للمديرية العامة للضرائب، حربا ضد ما اسمته ” النوار” في المعاملات التجارية، على اثر التوصل بمعطيات تفيد بارتفاع مستويات المعاملات التجارية خارج قنوات الفوترة، المعروفة بـ”النوار”، خصوصا بين المقاولات الصغيرة والصغيرة جدا؛ اذ تتجه المصالح للعمل على مكافحة سلوكيات بعض المقاولات و مكافحة الغش والتملص الضريبيين، امام صعوبات مالية تواجهها بعض المقاولات في الحصول على “شهادات التسوية الضريبية” .
وعملت الحكومة على إقرار إجراء الحجز في المنبع للضريبة على القيمة المضافة بهدف رفع مستوى التحصيل الجبائي، من خلال تقليل مخاطر التهرب الضريبي وضمان التزام أفضل من قبل المقاولات بواجباتها الضريبية، و يفرض الإجراء على المقاولات الملزمة الاحتفاظ بجزء من ضريبة القيمة المضافة المستحقة على مورديها، والقيام بتحويلها مباشرة إلى الإدارة الضريبية، بهدف ضمان الهدف تحصيل ضريبة القيمة المضافة وسدادها، دون الاعتماد على حسن نية المقاولات التي تجمع هذه الضريبة نيابة عن الدولة.
وتعاني بعض المقاولات الصغيرة والصغيرة جدا، بسبب عدم قدرتها على الحصول على شهادات التسوية الضريبية اللازمة ، الامر الذي دفع البعض الى التحايل على نظام التحصيل الحالي للضريبة على القيمة المضافة، من خلال اللجوء إلى “النوار”؛ حيث ركز المخطط الاستراتيجي للمديرية العامة للضرائب، الذي يغطي الفترة بين 2024 و2028، على تعزيز مبدأ الامتثال الضريبي؛ من خلال حزمة من البرامج والإجراءات التي تستهدف دفع الملزمين إلى تسوية وضعيتهم الجبائية بشكل تلقائي، عبر تعزيز نظام التدبير الضريبي العادل، وتقديم خدمة عالية الجودة وذات فعالية وشفافة قوامها الرقمنة والذكاء الاصطناعي عند معالجة وتحليل المعطيات والمعلومات الواردة على مصالح المديرية؛ إلا أن الشروع في تنفيذ أهداف هذا المخطط خلف في خطواته الأولى ضغطا جبائيا على الملزمين، خصوصا المقاولات الصغيرة والصغيرة جدا، ما ينذر بنتائج عكسية على مستوى التحصيل الضريبي.
وكانت الموارد الجبائية بلغت أزيد من 148 مليار درهم برسم سنة 2022، ما يمثل أزيد من 59 بالمئة من مجموع المداخيل الضريبية و 49 بالمئة من المداخيل العادية للميزانية العامة، وذلك وفق كشفت عن ذلك وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح في سياق تفاعلها مع توصيات تقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم الفترة الممتدة ما بين 2022-2023.
وأوضحت نادية فتاح أن الباقي استخلاصه، عرف تراكما متواليا في السنوات الأخيرة، والذي رغم أهميته، فهو يمثل فقط 4.5 بالمئة فقط من إجمالي الإيرادات الضريبية المتراكمة المحصلة من طرف المديرية العامة للضرائب، مع الإشارة إلى أن حجم الباقي استخلاصه يتكون بواقع 56 بالمئة من أصل الضرائب والرسوم.
ويعزى الارتفاع الملاحظ أساسا، وفق لوزيرة المالية، إلى تعزيز الإدارة الضريبية لآليات محاربة الغش والتهرب الضريبيين مضاعفة عمليات المراقبة بعين المكان وعمليات المراقبة من خلال تدقيق الوثائق، لا سيما من خلال الاستفادة من الاستغلال الآلي للإقرارات الضريبية المقدمة الكترونيا منذ سنة 2017، مما مكن من الرفع بشكل ملموس من العائدات الضريبية الإضافية.
ويتكبد المغرب خسارة سنوية تفوق 52 مليار سنتيم، جراء التملص الضريبي عامة، فيما تخسر خزينة الدولة 45 مليار سنتيم جراء التحايل الضريبي لبعض الشركات المغربية، وتهربها من أداء الضريبة على الأرباح غير المصرح بها، وهو دفع الحكومة إلى إحداث نظام التصفية الذاتية للضريبة على القيمة المضافة، وذلك في إطار الإجراءات الرامية لإدماج القطاع غير المهيكل ومكافحة التهرب الضريبي.
وسجلت المسؤولة الحكومية أن حجم الباقي استخلاصه منذ سنة 2020، عرف ارتفاعا مهما يقدر ب 20 بالمئة بين بداية سنة 2020 ونهاية سنة 2021 ، ويعزى بشكل رئيسي، حسب وزيرة الاقتصاد إلى تداعيات الأزمة الصحية الناجمة عن كوفيد 19، خصوصا بعد التجميد المؤقت لعمليات التحصيل الجبري المتزامن مع تشجيع الملزمين على إبرام اتفاقيات ودية بمناسبة المراقبة الجبائية مع منحهم تسهيلات في الأداء من أجل تجنب تفاقم الباقي استخلاصه.
و أكدت نادية فتاح، أن المديرية العامة للضرائب تعمل على تشجيع الملزمين على إبرام اتفاقات ودية بمناسبة المراقبة الجبائية، مع منحهم تسهيلات في الأداء من أجل تجنب تفاقم الباقي استخلاصه، مشيرة إلى أنه “عملا منها على إيجاد آليات لتبادل المعلومات المفيدة في التحصيل، قامت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة بإبرام مجموعة من الاتفاقيات والشراكات ضمانا للفعالية والسرعة في الحصول على المعلومة.”
ولفتت المسؤولة الحكومية إلى إبرام عقود للشراكة مع مديرية الضرائب، ومع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج والشراكة مع بنك المغرب والمجموعة المهنية لبنوك المغرب والشراكة مع المجلس الوطني والمجالس الجهوية للمفوضين القضائيين، ومع الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية.