مع دخول موسم جني الزيتون في المغرب، تواجه هذه الزراعة الحيوية تهديدات كبيرة بسبب الجفاف المستمر، مما أنذر بتراجع كبير في الغلة وارتفاع ملحوظ في الأسعار.
هذا ويعتبر المغرب من أكبر المنتجين والمصدرين للزيتون وزيت الزيتون في العالم، حيث تحتل زراعة الزيتون مكانة هامة في الاقتصاد الزراعي للبلاد، وتوفر دخلاً لملايين المزارعين والعاملين في هذا القطاع، إلا أن التغيرات المناخية الحادة، ولا سيما الجفاف، باتت تشكل تهديدًا كبيرًا لهذه الزراعة التقليدية.
وأظهرت المعطيات الميدانية، أن محصول الزيتون لهذا العام سيكون أقل بكثير من المعتاد بسبب الجفاف الذي يعاني منه المغرب، حيث ساهمت قلة الأمطار خلال فصل الشتاء والربيع في نقص كبير في المياه المتاحة للري، وهو ما أثر بشكل مباشر على نمو أشجار الزيتون وإنتاجيتها.
وفقًا لتقديرات الفلاحين، من المتوقع أن تنخفض الغلة بنسبة قد تصل إلى 60% في بعض المناطق، وهو ما سيكون له تأثير مباشر على كميات الزيتون المتاحة للجني.
وفي هذا الصدد، قال محمد وهو فلاح للنهار المغربية، إن الخسائر هذا العام قد تصل إلى أكثر من 60% من الإنتاج، مما سيؤدي إلى تكلفة باهظة للاقتصاد المحلي وقد يدفع البعض للتخلي عن الزراعة بالكامل في ظل التحديات المناخية وصعوبة توفير الموارد المائية اللازمة.
وأضاف الفلاح، أنه وأمام هذا الوضع الكارثي، فإن الأسعار الحالية جد مرتفعة، تبدأ من 95 درهما وتصل إلى 120 درهما في بعض المناطق، مشيرًا إلى أن هذا الوضع سيدفع العديد من الفلاحين إلى ترك نشاطهم الزراعي وربما حتى الهجرة من المنطقة بحثًا عن مصدر رزق جديد.
هذا ويبدي الفلاحون مخاوف متزايدة من انتشار الحشرات والبكتيريا التي تهدد صحة أشجار الزيتون، خصوصًا في ظل الظروف المناخية القاسية مثل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، هذه الآفات قد تتسبب في تلف كبير للمحصول، مما يزيد من أعباء الفلاحين الذين يعانون بالفعل من انخفاض الموارد المائية وتراجع الإنتاجية.
وفي هذا الصدد، قال بوعزة الخراطي رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، في تصريح للنهار المغربي، إن الحشرة القرمزية لا يمكن أن تنتقل من “الصبار” إلى أشجار الزيتون.
وأضاف المتحدث، أنه إذا كان هناك تخوف من دخول نوع من “الباكتيريا” التي تهدد بشكل كبير محاصيل شجر الزيتون، والتي لا يوجد لها دواء لحدود هذه اللحظة، إلا أن هذا النوع من “الباكتيريا” لا توجد في المغرب.
وشدد المتحدث، أن الجفاف هو السبب الذي أنهك محصول الزيتون خلال هذه الفترة من السنة، مشددا أن أسعار زيت الزيتون ستعرف ارتفاعا خلال الفترة القادمة من السنة.
وخلص الخراطي، أن المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، دوره يتجلى في حماية الثروة النباتية على الصعيد الوطني، ويقوم بواجبه من أجل حماية هذه الثروة ومنع أي خطر يهددها.
وأمام هذا الوضع، أفادت وزارة الزراعة والثروة الحيوانية البرازيلية بأن المغرب وافق على استيراد زيت الزيتون البرازيلي، معبرة عن “سعادتها بهذا القرار”. وأشارت الوزارة إلى أن هذا الترخيص الجديد يأتي بعد منح المغرب في شتنبر الماضي تصريحًا لاستيراد حبوب التقطير المجففة.
وفي بيان رسمي، أوضحت الوزارة أن المغرب يعد ثالث أكبر مستورد للمنتجات الزراعية البرازيلية في إفريقيا خلال العام الماضي، بإجمالي واردات بلغت 1.23 مليار دولار أمريكي.
كما كشفت أن قيمة الصادرات الزراعية البرازيلية إلى المغرب، خلال الفترة من يناير إلى شتنبر من العام الحالي، تجاوزت 903 ملايين دولار أمريكي.
ويذكر أن إنتاج الزيتون في المغرب تذبذب بشكل كبير في السنوات الأخيرة، في عام 2020، بلغ الإنتاج الوطني 1.6 مليون طن، ارتفع الإنتاج بشكل كبير في عام 2021، ليصل إلى 1.9 مليون طن، قبل أن ينخفض إلى مليون طن في عام 2022، في عام 2023، استقر الإنتاج عند هذا المستوى، مما يعكس التحديات المستمرة التي تواجه هذا القطاع الحيوي للاقتصاد المغربي.