دعا نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، الحكومة إلى إعادة النظر في سياساتها الاقتصادية والاجتماعية التي وصفها بالـ”انتقائية والمحدودة الأثر”، مؤكدًا أن هذه السياسات لم تنجح في مواجهة التحديات الكبرى التي يعاني منها الشعب المغربي، وعلى رأسها غلاء الأسعار وتدهور القدرة الشرائية والفقر المتزايد.
وفي كلمته خلال أشغال الدورة الخامسة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية في الرباط، يوم الأحد، انتقد بن عبد الله بشكل قاسٍ مشروع قانون المالية لسنة 2025، الذي وصفه بـ “النسخة المكررة” لسياسات الحكومة السابقة، والتي لم تُحدث أي تغيير ملموس في حياة المواطنين. وقال بن عبد الله إن “هذا القانون المالي يكرس نفس السياسات الفاشلة ولا يرتقي إلى معالجة مظاهر الفقر المتزايدة ولا التدهور الخطير في القدرة الشرائية”.
وأكّد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية أن الحكومة لم تُظهر أي ابتكار حقيقي في معالجة قضايا الفقر والبطالة، وأوضح أن مشروع القانون المالي لسنة 2025 لا يتناسب مع حجم التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني. وأضاف أن الحكومة “تغيب عنها الإرادة الإصلاحية الحقيقية” ولم تقدم إجابات شافية حول الأوضاع الاجتماعية الصعبة، ولا سيما تراجع الثقة والمصداقية في الحكومة. كما اتهمها بالتخلي عمليًا عن الإصلاحات التي تبنّتها في وثيقة النموذج التنموي، التي كانت تُعتبر مرجعًا للتوجهات السياسية.
وتعقيبًا على مواقف الحكومة في مجلس النواب، أشار بن عبد الله إلى أن حزب التقدم والاشتراكية عارض بشدة مشروع القانون المالي، كونه “يفتقد إلى الحلول السياسية والإصلاحية”، واصفًا إياه بأنه “لا يُجسد إجابة حقيقية عن التحديات الاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة”. وأوضح أن السياسات الحكومية تواصل تجاهل احتياجات المواطنين الحقيقية، وتواصل تقديم “إجراءات جزئية” لا تُؤثر بشكل كبير على تحسين الوضع المعيشي للمغاربة.
وتطرق بن عبد الله إلى استمرار غلاء الأسعار، مشيرًا إلى أن ارتفاع تكاليف المواد الأساسية والخدمات “يفسر انزلاق نحو الفقر والهشاشة” لآلاف المواطنين. ولفت إلى أن أكثر من 3.2 مليون مغربي قد انزلقوا إلى عتبة الفقر، فيما يعاني نحو 80% من الأسر المغربية من تدهور مستوى معيشتها. وأكد أن الحكومة وعدت بتوسيع الطبقة المتوسطة، لكن واقع الحال يُظهر عكس ذلك تمامًا، إذ تستمر الأسعار في الارتفاع بوتيرة متسارعة، مما يؤدي إلى مزيد من الضغوط على الأسر.
وانتقد بن عبد الله ما وصفه بـ”التلاعب بالأرقام” في تقديرات الحكومة بشأن التضخم، مؤكدًا أن الحكومة تعلن عن انخفاض في التضخم استنادًا إلى الأسعار التي كانت سائدة قبل وصول الحكومة الحالية إلى السلطة، وليس بناء على الأسعار المرتفعة التي شهدتها الأسواق في السنوات الأخيرة. وأضاف أن هذا “التخفيض الوهمي” في معدلات التضخم لا يُعبر عن الواقع الذي يعيشه المواطنون الذين يعانون من ارتفاع أسعار كل شيء، بما في ذلك المحروقات.
ورغم الانخفاض الطفيف في أسعار المحروقات في الأسواق الدولية، فإن بن عبد الله أكد أن هذا الانخفاض لم ينعكس بشكل كافٍ على السوق الوطنية، مشيرًا إلى أن “التفاهمات غير المشروعة” بين شركات المحروقات تواصل التأثير سلبًا على المواطنين. وأشار إلى أن الحكومة ما زالت ترفض إعادة تشغيل مصفاة “لاسامير”، التي كانت تسهم في خفض الفاتورة الطاقية وضمان السيادة الطاقية للمغرب.
وعلى صعيد الدعم المالي، أشار بن عبد الله إلى أن الحكومة قامت بتقديم دعم مالي ضخم لقطاع النقل، إلا أن هذا الدعم البالغ 8.6 مليار درهم لم يكن له أي تأثير إيجابي على المواطنين العاديين. وأوضح أن الحكومة تواصل دعم بعض القطاعات بشكل انتقائي، مثل دعم مستوردي الأبقار والأغنام، ما كلف خزينة الدولة أكثر من 13 مليار درهم، لكنه لم ينعكس بشكل ملموس على القدرة الشرائية للمغاربة أو على أسعار المواد الأساسية.
وفي ختام كلمته، حذر بن عبد الله من أن الحكومة لم تتخذ أي إجراءات جادة للحد من المضاربات والاحتكارات في الأسواق، مشددًا على ضرورة التصدي لهذه الممارسات التي تؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني. كما دعا الحكومة إلى وضع استراتيجية شاملة لمواجهة غلاء الأسعار وتدهور الوضع الاجتماعي في البلاد.