انتقدت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها تجاهل الحكومة لملاحظاتها وتوصياتها بشأن مشروع تعديل قانون المسطرة الجنائية، مؤكدة أن الحكومة لم تتفاعل سوى مع توصية واحدة من أصل عدة اقتراحات قدمتها الهيئة.
جاء ذلك خلال يوم دراسي نظمته لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، حيث شددت الهيئة على ضرورة إيلاء جرائم الفساد عناية خاصة من خلال آليات قانونية صارمة تتماشى مع التطور المتسارع لأساليب الفساد في المغرب.
وأوضحت الهيئة، في كلمة ألقاها رشيد المدور، نائب الرئيس، أنها سبق أن قدمت رأيها بشأن المسودة الأولى لمشروع القانون في تقريرها السنوي لعام 2021، مشيرة إلى أنها واصلت جهودها عقب مصادقة الحكومة على الصيغة الجديدة في 29 أغسطس 2024. وأضافت أن مراجعتها التفصيلية للمشروع لم تجد سوى استجابة وحيدة لتوصياتها، في حين ظلت باقي الملاحظات دون تفاعل يُذكر.
كما لفتت الهيئة إلى أنها لم تلاحظ أي تعديل جوهري في المواد التي سبق أن تناولتها بالدراسة، رغم تقديمها توصيات مفصلة حولها، مؤكدة أنها رصدت ثلاث مواد جديدة أُدرجت في الصيغة المعدلة، الأمر الذي دفعها إلى إعداد تقرير محدث تضمن ملاحظاتها بشأن هذه المستجدات.
وبحسب الهيئة، فإن مراجعة قانون المسطرة الجنائية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار التوجهات الدستورية الرامية إلى تخليق الحياة العامة، إضافة إلى التزامات المغرب الدولية في مكافحة الفساد. كما شددت على ضرورة ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية، لاسيما تلك المنبثقة عن الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب.
ودعت الهيئة إلى تعزيز الآليات المسطرية المتعلقة بالتبليغ والتحري، مع إرساء إجراءات تضمن الفعالية في ملاحقة قضايا الفساد دون المساس بضمانات المحاكمة العادلة. كما أكدت أن قانون المسطرة الجنائية يمثل أداة محورية لتجسيد سياسة جنائية فعالة، تمنع الإفلات من العقاب وتعزز النزاهة في تدبير الشأن العام.
في سياق متصل، شددت الهيئة على أهمية تحقيق توازن بين حماية الحقوق الفردية وفعالية التحقيقات الجنائية، خصوصاً في الجرائم المتعلقة بالفساد، داعية إلى تعاون أكبر بين مختلف المؤسسات المعنية لتعزيز الشفافية والنجاعة القضائية.
وخلصت الهيئة إلى أن نجاح مراجعة قانون المسطرة الجنائية يتوقف على تبني مقاربة تواكب تطور الأساليب الإجرامية الحديثة، وتضمن انسجام التشريعات الوطنية مع الممارسات الفضلى دولياً، مؤكدة أن مكافحة الفساد تظل رهينة بوجود إرادة سياسية قوية تستجيب لمتطلبات الإصلاح الحقيقي.