داخل أروقة وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، تتصاعد مؤشرات توتر غير معلن بين الوزير الوصي يونس السكوري، وكاتب الدولة المكلف بالشغل هشام صابري، في مشهد يعكس حالة من الصراع المؤسساتي الذي قد تكون له تداعيات على أداء قطاع حيوي يعيش أصلاً تحت ضغط أرقام البطالة المتصاعدة والتحديات الاجتماعية المتفاقمة.
فبحسب معطيات متطابقة، فإن هشام صابري يعيش منذ أسابيع ما يمكن وصفه بـ”العزلة الإدارية” و”التحجيم المتعمد”، وسط تضييق مستمر من طرف الوزير السكوري، بلغ حد سحب فعلي لمعظم صلاحياته، رغم صدور قرار تفويض رسمي من رئيسه المباشر.
تفويض مؤجل واختصاصات “منقوصة”
التوتر بين الرجلين، وفق ذات المصادر، تعود جذوره إلى ما قبل التعديل الحكومي الأخير، الذي كاد يُقصي السكوري من الحكومة، قبل أن يحصل على تزكية متأخرة أبقته في منصبه، وإن وسط أداء وصف بالضعيف، خاصة في ما يتعلق بملف التشغيل الذي فشل فيه حسب العديد من المؤشرات.
وتؤكد الوثائق أن صابري ظل أربعة أشهر كاملة دون اختصاصات، بعد تعيينه كاتبًا للدولة، إلى أن صدر قرار تفويضه رقم 47.25 المؤرخ في 2 يناير 2025، والذي منحه – نظريًا – عدداً من المهام المرتبطة بالشغل، تشمل الملفات الاجتماعية، وتطوير الشراكات، وتتبع تطبيق تشريع الشغل، والمساهمة في الاستراتيجيات الوطنية ذات الصلة.
غير أن هذا التفويض سرعان ما تم تفريغه من مضمونه، وفق ما تؤكده مصادر من داخل الوزارة، حيث جرى حصر سلطة كاتب الدولة في حدود ضيقة، وشُرع في تحجيم تأثيره داخل البنية الوزارية، مع تعليمات غير رسمية لبعض المديريات بعدم التعامل المباشر معه، بل والعودة إلى الوزير عبر قنواته الخاصة، خاصة مديرة ديوانه.
صابري.. “وزير بلا وزارة”؟
الحالة التي يعيشها صابري داخل الوزارة دفعت بعض المقربين منه إلى وصفه بـ”الوزير بلا وزارة”، حيث تم حجبه عن عدد من الملفات الاستراتيجية، وتقليص حضوره الإداري، بل وصل الأمر، وفق مصادر الجريدة، إلى اتخاذ قاعة الاجتماعات في فرع مديرية الشغل قرب محطة القطار بالرباط كمكتب شبه دائم له، بعيدًا عن المركز الإداري الرئيسي للوزارة.
وتعكس هذه الوضعية حجم الهوة بين الوزير وكاتب الدولة، في وقت كان يفترض أن يشكل التعديل الحكومي لحظة إعادة هيكلة فعلية للقطاع، من خلال توزيع فعلي للمهام والمسؤوليات في مواجهة إكراهات السوق الوطنية للعمل، وارتفاع نسبة البطالة، والإفلاس المتزايد للمقاولات الصغرى والمتوسطة.
صراع شخصي أم فشل إداري؟
السؤال المطروح بقوة اليوم: هل يتعلق الأمر بخلاف شخصي تطور إلى صراع إداري؟ أم أن ما يجري هو نتيجة لرغبة في احتكار القرار والتفرد بالتدبير داخل وزارة تعاني من محدودية النتائج وتحديات مزمنة؟ في كلتا الحالتين، فإن ما يحدث يكشف عن أزمة تدبير حكومي داخلي قد تنعكس سلبًا على الثقة في المؤسسات، خاصة مع تزايد الملفات العالقة وانتظارات المواطنين من إصلاح حقيقي لسوق الشغل.
ولا تُخفي بعض المصادر تخوفها من أن يتطور الصراع إلى انفجار سياسي أو إداري، خاصة في ظل حساسية المرحلة، ووجود مطالب من داخل الأغلبية الحكومية بتقييم أداء بعض الوزراء، وإعادة النظر في بنية التسيير بعد مرور أكثر من نصف ولاية الحكومة الحالية.
في انتظار الحسم
أمام هذا الوضع، يبقى صمت رئيس الحكومة عزيز أخنوش لافتًا، خصوصًا في ظل ما راج عن عدم رضاه عن أداء بعض أعضاء حكومته، وهو ما قد يفتح الباب مستقبلاً أمام تعديل حكومي جديد يعيد ترتيب الأوراق داخل وزارة أصبحت، في نظر عدد من المراقبين، مرشحة لأن تكون أولى بؤر الانفجار داخل الجهاز التنفيذي، إذا ما استمر التوتر بين رأسيها.