التقارير، التي تنجزها المنظمات الحقوقية والمؤسسات المعنية بحقوق الإنسان سواء كانت رسمية أو شعبية، تمثل جزءا من عملية التأريخ للحظات، التي تمر منها البلاد، وكثير من وقائع التاريخ نقلها غير المتخصصين في الميدان مثل الفقهاء ورجال السلطة، وكثير من المذكرات شكلت وثائق تاريخية.
التقرير، الذي أنجزه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يدخل في هذا السياق، حيث كان ضروريا إنجاز تقرير بمستوى معين من الموضوعية، إذ اعتمد آلية الاستماع، وهي جزء من تحقيق المعادلة بين الذات والموضوع واتخاذ مسافة منه، وفي هذا الصدد تم الاستماع لعائلات معتقلي “احتجاجات الحسيمة” كما تم الاستماع لعناصر الأمن والقوات العمومية، الذين تعرضوا للرشق بالحجارة أو تعرضوا لمحاولة الإحراق بإمزورن، وأصيبوا بكسور وحروق في محاولة نجاتهم.
لقد أماط التقرير اللثام عن ممارسات وسلوكات وقعت أثناء احتجاجات الحسيمة لا يمكن القيام بها إلا من قبل عصابات منظمة.
ممارسات يستحيل أن يقوم بها مناضل غرضه تحقيق مطالب اجتماعية سلمية. سلوكات مشينة لا يقوم بها إلا من يريد جر البلد إلى الفوضى، ومن يقوم بذلك واحد من اثنين، إما عميل لجهة خارجية تؤدي له الأتعاب أو خارج عن القانون فرض قانون الغاب.
مفاجأة من العيار الثقيل فجرها المجلس، الذي اتخذ المحتجون من بعض تقاريره السابقة حجة ضد الدولة، وتتعلق بوجود خطة محكمة من قبل من أدار اللعبة، حيث توجد النساء في مقدمة التظاهرات وبعد اطمئنان عناصر الأمن إلى أن الأمر يتعلق بشكل احتجاجي سلمي تنسحب النساء ويتقدم حينها الملثمون ليرشقوا القوات العمومية بالحجارة والزجاجات الحارقة.
هل هذا أسلوب وسلوك المتظاهرين السلميين؟
كثيرا ما روجوا أن العنف الذي مورس من قبل المحتجين كان رد فعل على استفزازات قوات الأمن، لكن التقرير كشف عن جزئية مهمة تتعلق بهجومات مباغتة وخارج سياق الاحتجاجات. أي إن مجموعات من المحتجين أو المغرضين تقوم بمهاجمة قوات الأمن في أماكن وجودها، أي في غياب أي مبرر للمواجهة أصلا.
إذن نحن كنا أمام حملة مبرمجة من نشر الأخبار الزائفة كان الغرض منها ليس تضليل الرأي العام فقط ولكن محاولة لاستعداء جهات أجنبية ضد المغرب، وظهر ذلك واضحا من خلال الأموال الطائلة التي تم صرفها من قبل تجار المخدرات المطلوبين للعدالة في المغرب وخارجه، والأموال التي تم صرفها من قبل المخابرات الجزائرية، من أجل تحويل مسار الاحتجاجات.
لم يكن الانتقال من سلمية الاحتجاج، التي دامت ستة أشهر، إلى العنف ثم العنف الحاد أمرا طبيعيا، ولكنه قضية مدروسة ومخطط واضح كان الغرض منه تحويل المنطقة إلى بؤرة توتر يستفيد منها تجار المخدرات والبشر بدعم من جهة إقليمية هدفها زعزعة استقرار المغرب.
كل هذه المعطيات جعلت من احتجاجات الحسيمة نقطة تساؤل كبيرة حول الأغراض من وراء تأجيج التوتر ومن يقف وراءه ولماذا تم الانتقال من السلمية إلى العدوان ضد القوات العمومية؟