حزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة، له موقف غريب من التطبيع مع إسرائيل، لأنه ألف الجهاد بالمراسلة، وما زال إلى يوم الناس هذا لم يوضح موقفه من حضور عوفير برونشتاين، مستشار إسحاق رابين، مؤتمره الحزبي، الذي تم فيه انتخاب عبد الإله بنكيران أمينا عاما لولاية ثانية، وصافح سعد الدين العثماني، الذي كان حينها وزيرا للشؤون الخارجية والتعاون، ولم يجدوا مبررا لذلك خصوصا وأن المؤتمر نفسه حضره خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس في ذاك الوقت.
وبعدها افتى أحمد الريسوني، الرئيس الأسبق للتوحيد والإصلاح الحركة الأم للعدالة والتنمية، بجواز زيارة القدس وهو ما يجمع العلماء المسلمون على أنه تطبيع واضح، ولم يتحدث أحد منهم على ذلك.
اليوم بعد قرار المغرب إعادة العلاقات مع إسرائيل وجد البيجيدي نفسه في وضع محرج بين تبني الموقف المغربي أو الاستمرار في الجهاد بالمراسلة. الحزب يترأس الحكومة والحكومة جزء من الدولة التي اتخذت القرار، وكان العثماني وزير للشؤون الخارجية ذات زمان، وكان بالإمكان أن يكون اليوم أيضا أو عضو آخر من الحزب وزيرا للخارجية لولا الأخطاء التي ارتكبها رئيس الحكومة الحالي أثناء توليه حقيبة الخارجية.
العثماني فوض للعمراني توقيع بيان الحزب، الذي أشاد بالقرار الأمريكي بخصوص الاعتراف بمغربية الصحراء، وأكد على دعم القضية الفلسطينية ورفض التطبيع، وخرج وزير من الحكومة وبعد أن نزع جلباب الوزارة الأعجوبة، وتحدث باسم شبيبة الحزب ليسجل موقفا جذريا ضد الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة المغربية، ونركز هنا على الحكومة المغربية لأنها صاحبة التوقيع على الاتفاقيات.
المغرب دولة ديمقراطية ولا تفرض رأيا واحدا، ولكن الدولة هي مؤسسات متكاملة، ولا يمكن أن تأكل غلال الحكومة وتُصرف مواقف من خارجها، بل أن يتولى “التقلاز” من تحت الجلابة وزير يجلس في الطاولة نفسها مع وزير الشؤون الخارجية، الذي يدافع عن الموقف. فالحكومة هي هذا التضامن السياسي بين وزرائها وإلا سنكون أمام وجهين بعملة واحدة. فعلى الوزير أن يخرج من الحكومة ويلبس جلبابه الحقيقي وهو أصلا لم يصدق أنه وزير حيث قال إن استوزاري يعتبر أعجوبة الزمان.
ليس مهما أن يعبر أيا كان عن موقف مناقض لموقف الدولة وبما أن الدولة تؤمن بالخيار الديمقراطي فهي لا تفرض رأيا موحدا إلا حول الثوابت، الدين والأرض والملكية، الملخصة في شعار “الله، الوطن، الملك”، حيث لا يمكن القبول بأي شخص يناهض وحدة المغرب الترابية، لكن غير الثوابت من حق المواطنين أن يختلفوا، لكن أن يختلف الوزراء من داخل حكومة واحدة فهذا لعب صغير ويضر بمصالح المغرب الجيوستراتيجية.
العدالة والتنمية حزب ألف الجهاد بالمراسلة دون تضحيات تذكر من أجل فلسطين، ومواقفه لا تخرج عن مواقف الإخوان المسلمين وبالتالي إذا طبّعت الدولة الراعية للربيع العربي فسوف يسكتون ويبتلعون ألسنتهم.