الحكومات أنواع وأصناف. والحكم عليها لا يخرج عن الحكم على مكوناتها. فالحكومة هي أداة من أدوات الدولة لممارسة السلطة عبر تدبير الشأن العام. فهي التي تقوم بجمع “المال” وملء “بيت المال” وإعادة توزيعه وفق بنود ونقط تتضمن التسيير والمشاريع. هناك حكومات تقف بين المواطن والفاعلين الاقتصاديين، وتكون هي الحكم بل تتدخل عندما تتضرر الفئات الهشة. وهناك الحكومة “السوقية” أو “بنت السوق”، الجابية، التي تقوم بجمع المال عن طريق الضرائب دون أن تفكر في تدبير المال والجبايات حتى لو أثقلت كاهل المواطن.
حكومة عزيز أخنوش وبعد دخولها عامها الثاني يمكن تصنيفها بسرعة بأنها حكومة “جبايات” أي حكومة سوقية لا يهمها المواطن بل تهمها التوازنات دون أن تولي عناية للتوازنات الاجتماعية، مخالفة بذلك ما تم الاتفاق عليه في المجلس الوزاري أمام جلالة الملك، حيث تم اعتبار “ترسيخ الدولة الاجتماعية” أهم ركائز قانون المالية المقبل.
الرئيس الأمريكي هدد شركات المحروقات أنها إن لم تقم بتخفيض أرباحها سيقوم بفرض ضرائب مرتفعة ضدها، في بلد ناتجه الداخلي الخام “فلكي”، وفي بلدنا حيث الفقر ضارب أطنابه تصر الحكومة على ترك حابل الأسعار على غاربه، ولن تتدخل إلا بعد أن يكون قد فات الأوان وغرق المركب. لا يمكن المقارنة بين البلدين ومع ذلك تم تهديد شركات المحروقات، لكن رئيس الحكومة لن يهدد شركات المحروقات، فلو أراد ذلك لذكر الأمر “في نفسه” ومع “نفسه” لأنه كبير تجار المحروقات.
إذا ما استمرت الحكومة في جمع الضرائب فإنها ستضمن صفة حكومة “جابية”، فالحكومة تحسب بالخشيبات، فمن أجل خلق التوازنات المالية تلجأ إلى كل أنواع الضرائب الممكنة وغير الممكنة، بدل أن تلجأ إلى توفير فرص الاستثمار، التي توفر نوعين من الضرائب أو أكثر، من ناحية الضريبة على الاستثمار نفسه ومن ناحية أخرى الضرائب على الشغل أي على دخل العاملين وضرائب على السلع وغيرها، وتكون بذلك قد ضربت عصافير كثيرة بحجرة واحدة، لكن الحكومة الجابية لا ترى إلا حجرة توجهها للمواطن.
خلق الثروة لا يكون بإضافة الضرائب وإرهاق كاهل المواطنين، والزيادة في الأسعار ضمانا لتوازنات السوق، ولكن معالجة الإشكالات المالية عبر خلق الثروة من خلال الإنتاج وإبداع الأفكار المبتكرة، التي من خلالها يتم تطوير التنمية بدل تنمية الشركات الكبرى، التي يسيطر زعيمها على كل المرافق عبر مفتاح الحكومة، وعبر الأغلبية العددية التي من خلالها يتم تمرير كل مشاريع القوانين التي بواسطتها يتم التضريب المتتالي لكل مناحي النشاط التجاري مهما كان، لكن وفق نمط غير عادل بتاتا.
في افتتاحية أمس تطرقنا إلى نوايا أخنوش ومن معه ممن لا يريدون معالجة المشاكل، فإثقال كاهل المواطن هو نوع الدفع من الخلف نحو التوتر وخلق الفوضى، التي يسعى إليها البعض من تجار الأزمات.