أطلقت وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أمس الأربعاء، الاستراتيجية الوطنية “المغرب الرقمي 2030″، في حفل كبير حضره عدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين والدبلوماسيين، إلى جانب الفاعلين في القطاع الخاص.
هذه الاستراتيجية الجديدة تأتي في سياق رؤية شاملة لتعزيز مكانة المغرب كمركز رقمي إقليمي، وتطوير بنيته التحتية التكنولوجية بهدف دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وخلال السنوات الأخيرة، أصبح التحول الرقمي أحد المحاور الرئيسية التي ركز عليها جلالة الملك في عدة مناسبات، مشيرًا إلى دوره الحيوي في تحسين جودة الخدمات العمومية وزيادة الإنتاجية وتعزيز التنافسية.
وفي كلمة له مسجلة، أكد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية، أن الاستراتيجية الوطنية الجديدة تهدف إلى إحداث تحول جذري في مجال التعليم والتكوين، من خلال فتح برامج وتكوينات جديدة تتماشى مع متطلبات سوق الشغل، وتراعي التطورات التكنولوجية والصناعية الحديثة.
وأضاف أن الحكومة تعمل بتنسيق مع المؤسسات التعليمية والجامعات على توفير تكوينات مهنية متخصصة تتيح للشباب اكتساب المهارات اللازمة لتلبية احتياجات سوق العمل المتغيرة باستمرار، مما سيسهم في تقليص الفجوة بين التكوين والتشغيل.
كما أشار أخنوش إلى أهمية إقامة شراكات قوية بين القطاعين العام والخاص لتوفير فرص شغل مستدامة للشباب المغربي، مبرزا أن الحكومة تسعى لتعزيز هذه الشراكات من خلال دعم الاستثمار وتحفيز المقاولات لتوفير فرص تدريب وتوظيف للخريجين، مما يعزز من فرصهم في ولوج سوق الشغل.
وفي إطار رؤية المغرب لتعزيز موقعه على المستوى الإفريقي، أكد أخنوش أن الهدف الأكبر هو جعل المغرب رائدًا في مجال التكوين والتشغيل بالقارة الإفريقية، من خلال الاستفادة من موقعه الاستراتيجي وموارده البشرية المؤهلة، مشددا أن هذه الرؤية تستند إلى تعزيز الاستثمار في القطاعات الحيوية كالطاقة المتجددة، والصناعة، والتكنولوجيا، مع العمل على تطوير بنية تحتية تعليمية متميزة، تجعل المغرب وجهة رئيسية للتكوين والشغل في القارة.
بودرها، قالت وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، غيثة مزور، إن الهدف الرئيسي من هذه الاستراتيجية هو “تحقيق تحول رقمي شامل في جميع القطاعات بحلول عام 2030، مما يعزز من قدرة المغرب على المنافسة العالمية وجذب الاستثمارات في مجالات التكنولوجيا المتقدمة.
وأكدت الوزيرة أن المغرب يسعى لأن يكون نموذجًا إقليميًا في مجال التحول الرقمي، معتمدًا على خبرات شبابه وموارده البشرية المؤهلة.
وشددت الوزيرة على أن الاستراتيجية تستند على العديد من الركائز الأساسية، تتمثل في البنية التحتية الرقمية، من خلال تحسين شبكات الاتصال وتعزيز سرعة الإنترنت لتكون في متناول الجميع.إلى جانب التعليم والتدريب، وذلك من خلال إدخال المهارات الرقمية في المناهج الدراسية وتدريب الشباب على التكنولوجيا الحديثة.
وتهدف استراتيجية المغرب الرقمي 2030 إلى تكوين 100 ألف شابة وشاب سنويا في أفق 2030، كما تهدف إلى تكوين أولي لفائدة 45 ألف مستفيد سنويا في أفق 2030 مقابل 8000 سنويا سنة 2022، وإلى إعادة تأهيل 50 ألف مستفيد سنويا سنة 2030 مقابل 5000 سنويا سنة 2022.
إلى جانب ذلك تسعى الاستراتيجية إلى جلب 6000 من المواهب الأجنبية سنويا في أفق سنة 2030، ولدعم التكوين الأساسي في مجال الرقمنة، تنص الاستراتيجية على تعزيز قدرة مؤسسات التكوين على إعداد كفاءات رقمية، وعلى خلق آليات لإعادة التأهيل في مجال الرقمنة ومواكبة الخريجين لضمان ولوجهم إلى سوق الشغل، ثم جلب الكفاءات الأجنبية.
وتركز “المغرب الرقمي 2030” على تعزيز البنية التحتية الرقمية، وتطوير النظام التعليمي لتشمل المهارات الرقمية، وتوسيع شبكات الاتصال لتشمل جميع المناطق، بما في ذلك المناطق النائية.
وتهدف الاستراتيجية أيضًا إلى تشجيع الابتكار المحلي وريادة الأعمال، مما يساعد على خلق فرص عمل جديدة وجذب الاستثمارات الأجنبية.
من جانب آخر، تشكل هذه الاستراتيجية فرصة كبيرة للمغرب للاستفادة من التحولات الرقمية العالمية، خصوصًا في ظل الاهتمام المتزايد بالشركات الناشئة والتكنولوجيا المالية.
ولقي الإعلان عن الاستراتيجية ترحيبًا واسعًا من قبل الشركات التقنية والمستثمرين، وقال أحد الخبراء في مجال التحول الرقمي للنهار المغربية إن “المغرب الرقمي 2030 يمثّل خطوة طموحة، ومن شأنه أن يساهم في تحويل الاقتصاد المغربي إلى اقتصاد رقمي متكامل، يسهم في تحسين جودة الحياة ورفع معدلات النمو الاقتصادي.
ويذكر أن حفل الإطلاق الرسمي للاستراتيجية الوطنية “المغرب الرقمي”، عرف إلى جانب كلمة رئيس الحكومة، كلمة رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب شكيب لعلج، ومراسيم التوقيع على الاتفاقيات مع العديد من الوزارات والشركاء.