يشهد العالم اليوم نقاشات و حوارات و لقاءات، تنصب جلها في رصد وتتبع العوالم الجديدة للذكاء الإصطناعي و طرح المفاهيم و الأدوات و الآليات التي أضحى يثيرها هذا الذكاء الإصطناعي، و مدى مستقبل المهن المرتبط بقوت العمال و الموظفين، و الى أي حد تزحف الآلة الذكية اليوم نحو عمليات الاستطيان على فضاءات المهن المستقبلية و اجتثات عمل الملايين من بني البشر.
وأمام هذه الثورة الرقمية و العلمية الجديدة التي تهدد آلاف المهن التقليدية، والتي قد تعصف بالملايين في جحيم البطالة، نجد حكومتنا و أحزابنا يطلعون علينا في الاعلام لطمأنة بني البشر في المغرب على عيد الأضحى، في غياب تام لأي مبادرات أو برامج للعمل على مواجهة المستقبل المخيف لمهن قد تتعرض للإنقراض، ولا وجود لاي تخوف من المستقبل، كما لو أن المغرب خارج الكرة الأرضية، و هنا يطرح الإشكال حول مدى نجاعة السياسي و المسؤول الحكومي في بلادنا، و الى أي حد يمكنه وضع الخطط المستقبلية للحفاظ على قوت المغاربة، وهنا نلمس نوعا من الغباء السياسي تجاه العلوم الجديدة.. للأسف..
وإذا سمح بعض الوقت لسياسيينا و اعضاء حكومتنا الموقرة، الإطلاع ما أبحاث جامعة بنسلفانيا بالمشاركة مع منظمة أوبن أيه آي الأمريكية لأبحاث الذكاء الاصطناعي، التي نشرت بحثا علميا حول الآثار المحتملة لتقنيات الذكاء الاصطناعي في سوق العمل بالولايات المتحدة، كاشفة عن نتائج مذهلة، حيث خلصت الورقة إلى أن ما يقرب من 80% من القوى العاملة في الولايات المتحدة ستتأثر بنسبة 10% من مهام عملها بسبب الذكاء الاصطناعي، وسوف تستولي تقنيات تعلم الآلة على 49% من مهام العمل الرئيسية بها، وأضافت الورقة أن التأثير يمتد ليشمل جميع مستويات الأجور مع تعرض الوظائف ذات الدخل المرتفع إلى التأثر الأكبر، مما يشير إلى أن هذه النماذج يمكن أن يكون لها آثار اقتصادية واجتماعية وسياسية ملحوظة، وأوضحت الورقة البحثية أن علماء الرياضيات ومصممي الواجهات الرقمية من أعلى الوظائف المهددة، مشيرة إلى أن المهن التي تعتمد بشكل كبير على مهارات التفكير العلمي والنقدي هي أقل عرضة للتشغيل الآلي. بينما ستكون الوظائف التي تتطلب إتقان مهارات البرمجة والكتابة أكثر عرضة للتشغيل الآلي.
وكان من بين المهن المعرضة للخطر بسبب الذكاء الاصطناعي بحسب الورقة، المحاسبون وموظفو الضرائب والصحفيون والمحللون الإخباريون، فيما بقيت مهن أخرى بعيدة عن التهديد، مثل الرياضيين وعمال البناء والطهاة والرسامين، فضلًا عن بقية الأعمال الحرفية كالنجارة والسباكة ونحوها.
لاشك ان الملايين يشتغلون في هذه القطاعات، وهنا يطرح سؤال ماذا أعدت حكومتنا لهذا الهاجس الجديد…